يعني: إذا ادعى رجل نكاح امرأة فلا يلتفت إلى دعواه ولا تؤمر المرأة بانتظاره، وكذلك إذا ادعى بينة بعيدة، وإن كانت قريبة لا يضر بالمرأة انتظارها. ورأى الإمام لذلك وجهاً، أمرت بالانتظار.
قوله:(فَإِنْ أَعْجَزَهُ) ثم جاء ببينة فقد مضى الحكم، نكحت أو لم تنكح، وهكذا روى أصبغ عن ابن القاسم في العتبية، وأسقط المصنف من الرواية كون القريبة لا يضر بالمرأة انتظارها، وكون الإمام يرى لذلك وجهاً، كأنه رأى أن القريبة لا تضر بالمرأة.
قال في البيان: وقوله: إنه لا تقبل منه بينة إن أتى بها بعد التعجيز خلاف ما في سماع أصبغ من كتاب الصدقات والهبان وخلاف ظاهر المدونة إذا لم يفرق بين تعجيز الطالب والمطلوب.
وقال ابن القاضي: يقبل منه ما أتى به بعد التعجيز، كان طالباً أو مطلوباً، وفرق ابن الماجشون في الطالب بين أن يعجز في أول قيامه قبل أن يجب على المطلوب عمل، وبين أن يعجز بعد أن وجب على المطلوب عمل، ثم رجع عليه، ففي تعجيز المطلوب قولان وفي تعجيز الطالب أقوال، قيل: وهذا في القاضي الحاكم دون من بعده من الحكام. وقيل: بل ذل كفيه وفي من بعده من الحكم، وهذا الاختلاف إنما هو إذا عجزه بإقراره على نفسه بالعجز، وأما إذا عجزه بعد التلوم والإعذار السلطان وهو يدعي أن له حجة، فلا يقبل منه ما أتى به بعد ذلك من حجة؛ لأن ذلك قد رد من قوله: قبل نفوذ الحكم عليه، فلا يسمع منه بعد نفوذه عليه. انتهى.
فرع:
ثم حيث أمرت بالانتظار فطلبها الزوج بحميل بوجهها ليقيم البينة على عينهأ، ففي وثائق ابن الهندي وابن العطار وغيرهما: يلزمها ذلك، وفي أحكام ابن العطار لابن لبابة وغيره من الشيوخ: أنه لا حمالة في ذلك.