أصبغ قول ابن القاسم، وما فسر به صاحب البيان قول سحنون، وخالفهما في ذلك ابن الماجشون وابن كنانة ورأيا أن علم أحدهما موجب للفسخ كعلمهما، وما ذكرناه عن ابن القاسم في العتبية هو الذي ذكره المصنف عنه. وقال ابن بشير: إن علمت الزوجة بالغصب فقالوا: النكاح فاسد، وهو يجري على القولين فيمن اشترى من غاصب وهو يعلم بالغصب، وإن لم يعلم بالغصب ففيه قولان مخرجان أيضاً، والمنصوص في النكاح الجواز وهو المشهور في البيع، فجعل المعتبر على الزوجة فقط، وفيه نظر لما ذكرناه.
يعني: إذا استحق الصداق المغصوب. وأما غير المغصوب فسيأتي الكلام عليه، وإنما قلنا: إن النكاح لا يفسخ؛ لأنها ترجع عليه بالقيمة في المقوم وبالمثل في المثلي، وهذا هو المشهور. قاله صاحب البيان وغيره. وقال ابن كنانة في كتاب المدنيين: في العبد إذا استحق ترجع بمثله. ونحوه في كتاب ابن شعبان، وإليه أشار بقوله:(وقِيلَ: مِثْلُهُ فِيهِمَا)؛ أي: في المقوم والمثلي. وقيل: ترجع بصداق [٣٢٢/ أ] المثل مطلقاً. وهو قول مالك في العتبية، قال في البيان: وهو الصحيح؛ لأن العبد عوض البضع، فإذا استحق العبد وجب أن ترجع بقيمة بضعها لفواته بالعقد، وكان العقد في النكاح فوتاً وإن لم يدخل فيه لما يوجب من الحرمة. وقد قيل: إنه ليس بفوت، ويفسخ النكاح إذا كان الصداق عرضاً بعينه واستحق قبل الدخول، وهو قول يحيى في العشرة. انتهى.
وعلى هذا ففي المسألة أربعة أقوال، وحكى في البيان في موضع آخر خامساً لسحنون والمغيرة بالفرق، فإن استحق العبد بالحرية فصداق المثل وفرق فقيمته، وذكر ابن حارث عن سحنون: إن غرها بالعبد وكان حراً في أصله أنه يفسخ النكاح قبل الدخول، قال: ومن أصحابنا من يفسخه بعد الدخول. وقال اللخمي: لو قيل: يرجع بالأقل من قيمته وصداق المثل، لكان وجهاً، إلا أن يعلم أنها تزوجت بعين لم ترض إلا بما يكون قيمته العبد.