بغير مهر إذا كان وطئاً بوطء وفعلاً بفعل، فكان الرجل يقول للآخر: شاغرني؛ أي: أنكحني وليتك وأنكحك وليتي، بغير مهر.
قال في المقدمات: وقيل: إنما سمي نكاح الشغار لخلوه عن الصداق. وثبت عنه عليه الصلاة والسلام النهي عنه، وجاء في الحديث مفسراً بما ذكر المصنف، وهل التفسير من كلامه عليه الصلاة والسلام أو من كلام الراوي وهو نافع؛ لأنه رواه عن ابن عمر؟ قولان. ثم إن أصحابنا قسموه إلى قسمين: صريح الشغار، وهو ما ذكرنا، ووجه الشغار وهو أن يكون مع ذلك تسمية مهر.
وما صححه من الفسخ أبداً ولو ولدت الأولاد هو المشهور، ومقابل الأصح رواه علي بن زياد أنه يفسخ قبل البناء لا بعده. وخرج السيوري وابن شبلون من قوله في المدونة:(فيه الميراث ويفسخ بطلاق) قولاً ثالثاً وهو إمضاؤه بالعقد. وخرجه أيضاً غيرهما على أحد قوليه فيما اختلف الناس فيه أنه يمضي ولا يرد وإن نزلوه كحكم حاكم. واختلف الشيوخ في علة فسخه بعد البناء، فقال أبو عمران: النهي عنه. والنهي يدل على الفساد، وقيل: لفساده في عقده لكون كل بضع صداقاً للأخرى، فهو للزوج غير تام الملك لمشاركة المرأة الأخرى له فيه، فكان كمن زوج وليته رجلين أو تزوج نصف امرأة، أو عند بيع في سلعة بين رجلين على أن لكل واحد منهما جميع السلعة. ونحا القاضي إسماعيل والباجي إلى أن علته عروه عن الصداق وشرطهما ذلك. وقال القابسي: إنما اختلف قول مالك في فسخه لاختلاف الناس في معنى الشغار؛ لأن المتفق عليه من لفظ الحديث قوله:"نهى عن الشغار" وبأن الحديث من تفسير نافع.
ابن عبد السلام: وكونه من تفسير نافع هو الصحيح.
الباجي: والظاهر أنه من جملة الحديث حتى يدل دليل على خلافه. ولا يظهر لقول القابسي كبير معنى، وكذلك لا يظهر للذي قبله؛ لأنه لو كان لعروه عن الصداق وشرطهما ذلك لصح بعد البناء.