حاصله: أنها إن وضعت شيئاً من صداقها على ألا يتزوج عليها أو لا يتسرى ونحو ذلك، وفرعنا على قول مالك بعدم اللزوم فتزوج، فإن كان الشرط معلقاً بطلاق أو عتق أو تمليك فليس لها رجوع للزوم الطلاق والعتق، وإلى هذا أشار بقوله آخر المسألة:(فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى يَمِينٍ عَلَيْهِ لَمْ تَرْجِعْ فِي الْجَمِيعِ) أي في جميع الصور سواء كان ذلك بعد العقد أو قبله، وإن لم يكن معلقاً بيمين فثلاث صور:
الأولى: أن تضع له شيئاً معيناً من صداقها بعد العقد، كما إذا كان صداقها ألف فوضعت منه شيئاً، إما عدداً أو جزءاً فإنها ترجع إن خالف، وهذا معنى قوله:(فَإِنْ وَضَعَتْ لَهُ شَيْئاً مُعَيَّناً مِنْ صَدَاقِهَا بَعْدَ الْعَقْدِ رَجَعَتْ بِهِ) يريد: أو أعطته شيئاً من مالها، وإنما ذكر الصداق؛ لنه قد يتوهم أن أمره خفيف، فنبه رحمه الله بالأخف على الأشد، وكلام المصنف في هذه الصورة قريب من كلامه في المدونة، وذلك يدل على أن ذلك عقد جائز، ومنعه في السليمانية وكتب المدنيين؛ لأن له أن يوفي وألا يوفي، فصار ما تعطيه تارة ثمناً وتارة سلفاً، ووجه الأول أنهما دخلا على الوفاء بالشرط وإن خالف بعد ذلك فأمر طارئ.
الصورة الثانية: أن تخفف قبل العقد ولم تعين، بل قالت له: أتزوجك مثلاً بألف، وعلم أن صداق مثلها ألفان، فالمشهور أنها لا ترجع، وبه أخذ أصبغ وغيره، وحكى في الجواهر ثلاثة أقوال: الأول: ترجع بما تركته، وفي الكتاب: لا ترجع. وقال علي بن زياد: