قول سحنون راجع إلى صدر المسألة؛ وهي قوله:(وَيَجِبُ تَسْلِيمُ حَالِّهِ ومَا يَحِلُّ مِنْهُ) أي: وخالف سحنون فيما حل منه، وقال: لا يجب إلا بعد الدخول. وروى عن مالك أيضاً قوله: وألزم الأجل المجهول. يعني: وألزم سحنون على قوله هذا بوجهين:
الأول: أنه لما كان جواز أن يكون الصداق إلى أجل مجهول من إلزامه التأخير إلى الدخول، والدخول غير معلوم، والموقوف على المجهول مجهول، وأجيب بوجهين: الأول: أنه لما كان الدخول بيد المرأة في كل وقت صار حالاً، والثاني: أن الدخول كان معلوماً عندهم كما تقدم.
ما وجب يعني الحال أو ما حل، وظاهر قوله:(وَلِلْمَرْأَةِ مَنْعُ نَفْسِهَا) أن ذلك حق لها، فيجوز إذا رضيت بالدخول من غير أن تقبض شيئاً، وليس بظاهر؛ بل ذلك مكروه عند مالك إلا بعد [٣٢٩/ ب] تقديم ربع دينار، نص على ذلك صاحب البيان وغيره.
وقوله:(ومِنَ الْوَطْءِ بَعْدَهُ) يريد: بعد اختلائه بها وقبل أن تمكنه من نفسها، وأشار بذلك إلى ما وقع في العتبية أن رجلاً سأل مالكاً فقال له: إن امرأتي أذنت لي بالدخول عليها والمبيت معها وأنا أضجع إلى جانبها في اللحاق وتمنعني نفسها حتى أعطيها صداقاً، فقال: لها ذلك.