والثاني لمالك أيضاً أنه إن طلق قبل البناء رجع بنصفها، وإن طلق عليه لعدم النفقة فأجراها بعضهم على القولين في القضاء للمرأة حينئذ بنصف الصداق، فمن أوجب لها النصف لم يجعل له رجوعاً في الهبة ومن لم يحكم بالنصف جعل له الرجوع فيه بشرط قيامها، وإن كان النكاح فاسداً وفسخ قبل البناء فقال ابن القاسم: له ما أدرك من هديته، وإن فسخ بعد البناء فقال أصبغ: إن أهداه قبل البناء فلا شيء له وإن وجدها قائمة لأن الذي أهدى عليه قد وصل إليه، ولو كان إنما أعطاها ذلك بعد البناء ثم فسخ نكاحها بحدثان ذلك فله أخذ ما أعطاها لأنه إنما أعطاها على ثبات الحال والعشرة، وإن كان الفسخ بعد طول الزمان سنتين أو سنين فلا أرى له شيئاً، وإن وجدها بعينها، لأن الذي أعطى له قد نتج وانتفع به، فالفسخ كطلاق حادث منه.
ابن عبد السلام: وإن كان النكاح صحيحاً واطلع على عيب في المرأة فردها قبل الدخول رجع في الهبة على ما في كتاب الصرف من المدونة في الذي يهب لأجل البيع خلافاً لسحنون، وهذا إن كانت الهبة قائمة، فإن دخلها نقص أخذها على حالها ولا شيء له، وإن زادت كان لها أن تدفع قيمتها يوم أعطاها، قال بعضهم: والقياس أنها له بزيادتها وإن فاتت بهلاك، فمن الشيوخ من قال: لا شيء عليها، كمن أثاب عن صدقة ظناً منه أنه يلزمه، ومنهم من أنكر هذا التشبيه.
الثالث: إذا شور الأب ابنته بجهاز من ماله أو وهب لها ذلك وأورده بيت البناء صح للبنت ملك الهبة حياً أو مات أو إيراده في بيت البناء من أعظم الحيازة بل لها ذلك بالإشهاد وإن لم يجزه في بيتها، فقد سئل ابن أبي زمنين عن الجارية البكر تتخذ الشورة في بيت أبيها بصنعة أو يد أمها أو يشتري ذلك لها أبوها ثم يموت الأب فيريد ورثة الأب الدخول مع الابنة، فقال: أما ما كان من ذلك قد سماه لها وأشهد أنه شورة لابنته أو لم يشهد عليه إلا أن الورثة يقرون أن ذلك كان لابنته مسمى ومنسوباً إليها فلا دخول