واعلم أن هذه المسألة إذا لم تقل من صداق على وجهين، إن قالت طلقني على عشرة فاتفق ابن القاسم وأشهب على أن لها نصف صداقها، وإن قالت خالعني على عشرة، فاختلف فيها، فقال أشهب: لها نصف الصداق كالتي قبلها، وقال ابن القاسم: لا شيء لها وإن قبضته ردته، وكأنه رأى أن بعض الخلع يقتضي خلع ما لها عليه من حق وزادته عشرة دنانير.
وقال أصبغ: إن قبضته كان لها وإن لم تقبضه لم يكن لها منه شيء، وسواء قالت: خالعني أو طلقني، هكذا حكى اللخمي هذه الثلاثة الأقوال واستحسن قول أشهب؛ لأن قولها خالعني إنما يتضمن خلع النفس والإبراء من العصمة، ليس الاختلاع من المال، وعلى هذا فهذه المسألة بمنزلة ما إذا خالعته على عبد وشيء لأنه في كل من المسألتين حصل الخلع على شيء وسكت عن الصداق.
لقوله تعالى:[٣٣٥/ أ]{وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلاَّ أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ}[البقرة: ٢٣٧] أي: إلا أن يعفو النساء المالكات لأمرهن عن النصف الذي لهن أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح.
ومذهب مالك أن الذي بيده عقدة النكاح هو الأب في ابنته، ومذهب أبي حنيفة والشافعي أن الزوج ينبغي له أن يكمل لها الصداق، وقال بكل من القولين جماعة، ورجع مذهبنا بأن الذي بيده عقدة النكاح في المطلقة إنما هو الولي، ولا يقال أن المراد من بيده عقدة النكاح قبل الطلاق لأن الزوج إنما بيده وبأنا نحمل قوله تعالى {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}[البقرة: ٢٣٧] على الأزواج وغيرهم فيكون أكثر فائدة، وبأن الخطاب كان من الأزواج لقوله:(فَرَضّتُمْ)، وهو خطاب مشابهة، فلو كانوا مرادين بقوله تعالى