يعني: أنهما ينظران أولاً بالإصلاح والألفة وحسن المعاشرة، وإن لم يمكنهما ذلك انتقلا إلى الفراق، قال جماعة: ولا يعذر الحكمان قبل حكمهما.
ابن رشد: لأنهما لم يحكما في ذلك بالشهادة القاطعة وإنما يحكمان بما خلص إليهما بعد النظر.
قوله:(فَإِنْ كَانَ الْمُسِيءُ الزَّوْجَ فَرَّقَا بَيْنَهُمَا) يريد من غير أن يسقطا شيئاً من الصداق، وقاله اللخمي وغيره. وفي الكافي: ليس لهما أن يأخذا من الزوج على أن يطلق، وقد قيل ذلك جائز.
قوله:(وإِنْ كَانَتِ الزَّوْجَةَ) أي: فإن كان المسيء الزوجة فقط ائتمناه عليها وتقر عنده.
اللخمي: إلا أن يحب هو الفراق فيفترقان ولا شيء لها من الصداق. وقال عبد الملك في المبسوط: لو حكما عليها بأكثر من الصداق جاز ذلك إذا كان سداداً.
قوله:(وإِنْ كَانَتْ مِنْهُمَا) أي: الإساءة خالعا له بما يخف بنظرهما، كقول ربيعة في المدونة أعط الزوج بعض الصداق. واختلف في قول ربيعة هل هو وفاق المذهب؟ فقال أبو عمران: معنى ظلمه لها في هذا الوجه أي: بدعواها ولم يثبت ذلك، ولو ثبت ظلمه لم يجز أن يأخذ منها شيئاً على الفراق، ولو حمل كلام ربيعة على ظاهره كان مخالفاً للمذهب، فقد قال بعض شيوخ إفريقية: لا يجوز أن يخالع الرجل زوجته على أن يأخذ منها إذا كان الضرر منهما جميعاً، وهو منصوص لعلمائنا وخالفه الأكثرون منهم، وحمل كلامه على ظاهره ورآه موافقاً للمذهب، وأشار اللخمي إلى أنه إن كان ضررهما متساوياً أخذ له نصف الصداق، وإن كان الإضرار منها أكثر أخذ منها أكثر من ذلك، وفرق بين ما أشار إليه أبو عمران هنا وبين الخلع بأن الحكم ها هنا بغير الزوجين يحكمان في ذلك بالاجتهاد بخلاف الخلع.