مرادُه إذا تيمم مرةً ثانيةً يَفْعَلُه على سُنَّتِه من الترتيبِ، ولا يَعود إلى الخطأ، وهو أجودُ ما تؤُوِّلَ على المدونة، ذَكَرَه في التنبيهات.
ابنُ عبد السلام: وهو يظهر إذا كان تنكيسُه على وجهِ العَمْدِ، وأما النسيانُ فلا يَحسن وُرُودُ مِثْلِ هذا الكلامِ فيه. انتهى.
والقياسُ يَقتضي أنه إذا كان في الحَضْرَةِ يَمسحُ يديه فقط، وإن طال أَعادَ التيممَ، ولا يكونُ حكمُه كالوضوءِ من إعادةِ المُنكَّسِ خاصَّةً على الْمَشْهُورِ، إِذْ لا حُكْمَ له إِلا أَنْ يُؤْتَى بجميعِه لأجلِ اتصالِه. وقد يقال: هو تامٌّ، وإنما أُمِرَ أن يُرَتِّبَه للكمالِ خاصةً، والله أعلم.
قال بعضُهم: لا خلافَ في جوازِ النفلِ بعدَ الفَرْضِ؛ لأنه تَبَعٌ. وقال بعضُ الشيوخِ: إنما يَجري هذا على القولِ بأنه يَرفعُ الحدثَ، وفيه نظرٌ. ومِن شَرْطِ جوازِ إيقاعِ النفلِ بتيممِ الفرضِ أن يكونَ النفلُ متصلاً بالفرضِ؛ فقد روى أبو زيد عن ابن القاسم في العتبية: مَن تَيَمَّمَ لنافلةٍ ثم خرج مِن المسجدِ لحاجةٍ ثم عاد فلا يَتنفلُ به، ولا يَمَسُّ المصحفَ. وشَرَطَ فيه ابنُ رشدٍ أن تكونَ النافلةُ منويةً عند تيممِ الفريضةِ. قال: وإن لم يَنْوِها لم يُصَلِّها. ولا فرقَ بين النفلِ والسنةِ عند ابنِ حبيب، واستَحَبَّ سحنونٌ أن يتيمم للوَتْرِ.
التونسي: وإنما له أن يتنفلَ بإثْرِ الصلاةِ ما لم يَطُلْ كثيراً. انتهى.
وقيد ذلك الشافعيةُ بأن لا يَدخلَ وقتُ الأخرى، فإذا دخل فلا، وهو ظاهرٌ؛ لأن ما يفعلُه مِن النافلةِ تابعٌ للفريضةِ، ولا معنى للتابعِ حالَ عَدَمِ المتبوعِ حِسّاً وحُكماً، والله أعلم.
والْمَشْهُورِ: لا يَجوز أن يَتنفل قَبْلَ الفريضةِ. وروى يحيى بن عمر جوازَ صلاةِ ركعتي الفجرِ بتيممه للصبحِ، وهو معنى قولهِ:(وقيل: قَبْلَه).