للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِخِلافِ تَيَمُّمِهِ لِلنَّوْمِ وَنَحْوِهِ

يعني: أن التيمم كالوضوءِ، فكما أن مَن توضأ للنومِ لا يُصلِّي به، فكذلك مَن تيمم للنومِ. وكذلك قال في المدونة، وذكر في التنبيهات عن الواضحة: أنه يصلي بتيمم النوم.

وَلَوْ نَوَى فَرْضَيْنِ صَحَّ وَصَلَّى بِهِ فَرْضاً عَلَى الْمَشْهُورِ؛ لأَنَّهُ لاا يَرْفَعُ الْحَدَثُ، أَوْلاَ يَتَقَدَّمُ عَلَى الْوَقْتِ، أَوْ لِوُجُوبِ الطِّلَبِ لَكُلَِّ صَلاَةٍ عَلَى الْمَشْهُورِ فِي الثَّلاثَةِ.

لا يُقال إنه لما نَوَى فَرضين– فلا يَستبيح به إلا فرضاً واحداً– صار تيمماً غيرَ مشروعٍ، لأن القَصْدَ الأهَمَّ مِن النيةِ استباحةُ العبادةِ، وفعلُه فرضاً أو فرضين مِن لواحق التيمم. وأحدُ الفرضين منفصلٌ عن الآخَرِ، والأولُ عبادةٌ مستقلةٌ بنفسِها بخلافِ مَن نَوَى في الذبيحةِ أَنْ يُجْهِزَ حتى يُبِينَ الرأسَ، فإنه اختُلِفَ في أَكْلِها كما سيأتي.

وما ذَكَرَه المصنفُ من تعليلِ عدمِ الجمعِ بثلاثِ عللٍ قد سبقه إلى ذلك عبدُ الوهاب، وفيه نظرٌ. أما الأُولى فلأَنَّا وإِنْ سَلَّمْنَا إلى أنه لا يَرْفَعُ الحَدَثَ، فما المانعُ أن يَستبيحَ به ما نواه؟ وقولهم: فلا يستبيح به إلا أقل ما يمكن– دَعْوَى لا دليلَ عليها. وأما الثانيةُ فمنقوضةٌ بالفائتتين، والْمَشْهُورِ خلافُه، وأما الثالثةُ فمنقوضةٌ بالمريضِ الذي لا يَقْدِرُ على استعمال الماءِ، أو مَن كان غيرَ مريضٍ، وهو يَعْلَمُ عَدَمَه، والْمَشْهُورِ خلافُه. ويُمكن أن يُوَجَّهَ الْمَشْهُورِ بأن يُقال: ظاهرُ قوله تعالى: {إذَا قُمْتُمْ إلَى الصَّلاةِ} [المائدة:٦] يَقتضي أَلاَّ يُجْمَعَ بين فَرْضَيْنِ بوضوءٍ ولا بتيممٍ، فاستثنتِ السُّنَّةُ جوازَ الجمعِ بالوضوءِ، وبَقِيَ ما عداه على الأصْلِ. وقال ابن المسيب: مضتِ السنةُ أنه لا يَجمع المتيمُ بينَ صلاتين

وقوله: (عَلَى الْمَشْهُورِ فِي الثَّلاثَةِ) يعني: في عدمِ رفعِه للحدثِ، وتقدُّمِه على الوقتِ، ووجوبِ الطلبِ، وليس الخلافُ مخصوصاً بما إذا نَوَى فرضين، بل الخلافُ موجودٌ سواءٌ نَوَى فرضاً أو فرضين.

<<  <  ج: ص:  >  >>