للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وما ذكره في المدونة من أنه إذا تزوج واحدة يحنث، هو جارٍ على أصل المشهور في التحنيث بالبعض، ويتخرج فيها قولاً آخر: أنه لا يحنث إلا بالجميع بناءً على القول بأنه لا يحنث إلا بجميع المحلوف عليه. وقوله: (بِخِلافِ مَنْ دخلت) أي فيلزمه لكل امرأة كفارة؛ لأنه علق عنها الظهار على كل واحدة بانفرادها؛ لأن (مَنْ) من ألفاظ العموم، وكـ (مَنْ) في لزوم الكفارة لكل واحدة (أيتكن) قاله في المدونة.

الباجي: وأما إن قال: كل من دخلت الدار فهي عليَّ كظهر أمي، فظاهر المذهب أنه بمنزلة: من دخلت منكن الدار فهي عليَّ كظهر أمي، رواه ابن المواز في العتبية من رواية ابن القاسم: تجزئه كفارة واحدة، فيحتمل أن يريد بذلك أن حكم كل امرأة مخالف لمن تزوجت منكن، وأنه بمنزلة قوله: (إِنْ تَزَوَّجْتُكُنَّ)؛ ويحتمل أن يريد الباب كله واحد، لا يجب في ذلك إلا كفارة واحدة، وما قدمنا أولى. انتهى.

وقد يقال: بل الثاني أقرب؛ لأن لفظة (كل) للعموم، و (من) دونها في العموم، فإذا تعددت الكفارة مع (من) وحدها، فأحرى مع (كل)، لاسيما وقد دخلت على (من)، وقد يقال: بل اقتضاء (من) التعدد، أولى من (كل)؛ لأن (من) إنما كانت من ألفاظ العموم لإبهامها واشتمالها على الآحاد بغير تخصيص؛ لا أن مقتضى صيغتها كـ (كل)، فإنها بوضعها للاستغراق، فكانت كاليمين على شيء واحد، ولهذا كان المشهور فيها إذا قال: كل امرأة أتزوجها فهي عليَّ كظهر أمي، أنه لا تلزمه إلا كفارة واحدة، خلافاً لابن نافع، قال: وتتعدد أيضاً إذا قال: كل امرأة أتزوجها عليكِ، وقاله مالك في المختصر.

السيوري: وهو الصواب. ولو قال: من أتزوج من النساء فهي عليَّ كظهر أمي، عليه كفارة واحدة، وانظر هل يتخرج على ما قاله اللخمي، فيما إذا قال: من دخلت منكن، قول بإجزاء كفارة واحدة. قال في الاستلحاق: وانظر لو قال: من تزوجت فهي علي كظهر أمي، ولم يقل من النساء، هل تجزئه واحدة؟

<<  <  ج: ص:  >  >>