للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الظهار، فإن حرجه يزول بالكفارة، وقوله: (فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ تُجْزِئُهُ)، هو المشهور، ولمالك في المختصر: لكل امرأة كفارة، وقاله ابن نافع، فرأى في المشهور أنها يمين واحدة، ورأى في الشاذ أن كل لما كانت من صيغ العموم أشبهت ما لو قال لأربع نسوة: من دخلت منكن الدار فهي علي كظهر أمي.

وَتَجِبُ الكَفَّارَةُ بِالْعَوْدِ، وَالْعَوْدُ فِي الْمُوَطَّأِ: الْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ والإِمْسَاكِ مَعَاً، وَفِي الْمُدَوَّنَةِ: العزم عَلَى الْوَطْءِ خَاصَّةً ورُوِيَ: الإِمْسَاكُ خَاصَّةً، وَفِيهَا: وَإِنَّمَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ بِالْوَطْءِ، وَرُوِيَ الْعَوْدُ: الْوَطْءُ نَفْسُهُ ...

يعني: أن وجوب الكفارة مشروط بالعودة، لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} لأن دخول الفاء في خبر المبتدأ الموصول، دليل على الشرطية، كقولك: الذي يأتيني فله درهم، وإذا قلنا أنها لا تجب إلا بالعود فهل يجوز إخراجها قبلها؟ روى ابن سحنون عن أبيه في المظاهر يكفر بغير نية العود، وهو يريد أن يطلقها ويقول: إن راجعتها حلَّت لي بغير ظهار، لا يجزئه حتى ينوي العودة. قال: وهو قول أكثر أصحابنا.

ابن رشد: وهو المشهور المعلوم. ونقل عبد الحق والباجي عن ابن عمران أن ابن القاسم لا يراعي العودة، وإنما يراعيها ابن الماجشون وسحنون، وأنكرت نسبة هذا القول لابن القاسم، وإنما أخذ له ذلك من قوله في الدونة، في مَن ظاهر من أمته وليس له غيرها لم يجزه الصوم، وأجزاه عتقها، لأن العودة إن كانت العزم على الوطء والإمساك فهي غير ممكنة مع العتق، وأجيب باحتمال أن يكون المظاهر عزم على وطئها وإمساكها أولاً، ثم سأل غيره عما يلزمه من الكفارة، فقيل له: يلزمك عتقها، ويحتمل أن يكون وطئ الأمة، فتكون الكفارة متحتمة عليه، ولأنه لا يلزم من عدم اشتراطها هنا لتعذرها، عدم اشتراطها مطلقاً، فإن قيل: هب أن الأخذ من قول ابن القاسم هذا لم يتم، لأن قول

<<  <  ج: ص:  >  >>