للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الظهار من المظاهر، والشافعي يرى أن مجرد مضي الزمان موجب للكفارة، وعلى مذهبنا فيكون في الآية حذف مضاف؛ أي: ثم يعودون لنقيض ما قالوا، أو يكون التقدير: ثم يتداركون ما قالوا؛ لأن المتدارك للأمر عائد إليه، أو يراه بما قالوا ما حرموه على أنفسهم؛ تنزيلاً للقول منزلة المقول، وما مصدرية أو موصولة أو نكرة موصوفة.

وقوله: (وَفِيهَا: وَإِنَّمَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ بِالْوَطْءِ) يحتمل أن يكون أتى بذلك استشكالاً؛ لأنه لما ذكر عن المدونة أنها تجب بالعزم على الوطء، ذكر هذا كالمخالف له، والظاهر أنه هنا لا إشكال في هذا؛ لأن الوجوب هنا يطلق لمعنيين؛ الأول: وجوب متحتم، والثاني: غير متحتم؛ فالمتحتم بعد الوطء؛ لأنها تجب سواء بقيت الزوجة في العصمة أم لا، وغير المتحتم إذا عاد بغير الوطء، فإنها إنما تجب بشرط بقاء العصمة، فقوله في المدونة: وإنما تجب الكفارة بالوطء، مراده الوجوب المتحتم، والله أعلم.

فَلَوْ عَادَ بِغَيْرِ الْوَطْءِ ثُمَّ أَبَانَهَا أَوْ مَاتَتْ فَفِي سُقُوطِهَا قَوْلانِ

السقوط مذهب المدونة، ففيها: ولو طلقها قبل أن يمسها وقد عمل في الكفارة لم يلزمه إتمامها، وقال ابن نافع: إن أتمها أجزأه، وإن أراد العودة قبل الطلاق، والقول باللزوم إذا عاد ثم طلقها أو ماتت لمالك وأصبغ، واختلف هل قول ابن نافع خلاف لقول المشهور، وأنه لو أتم على قول ابن القاسم لم يجزه، وإليه ذهب صاحب تهذيب الطالب، وصاحب البيان، أو هو وفاق وإليه مال اللخمي؟ والخلاف جارٍ في الصيام وغيره، ولابن الماجشون قول ثالث بالفرق بين أن يمضي من الكفارة أقلها، أو أكثرها.

قال في البيان: وأما إن لم يتم كفارته حتى تزوجها فاتفق على أنه لا يبني على الصيام، واختلف هل يبني على الإطعام على أربعة أقوال: أحدها: أنه لا يبني بعد انقضاء العدة وإن تزوجها، وهو قول أشهب، والثاني: أنه يبني وإن لم يتزوجها وهو قول ابن عبد الحكم

<<  <  ج: ص:  >  >>