قال في البيان في باب الصلاة: وقد اختُلِفَ في المرأةِ إذا لبست الخفين لتَمْسَحَ على الخضابِ، فروى مطرف عن مالك أنه لا يَجوز لها أن تَمسح عليهما، وقد قيل أيضاً أنه يَجوز لها المسحُ عليهما، وإلى هذا ذهب أبو إسحاق التونسي.
وقال مالك في المدونة: لا يُعجبني. فهذه ثلاثةُ أقوالٍ: المنعُ، والإباحةُ، والكراهةُ. انتهى.
ومقتضى كلامِه أن الْمَشْهُورِ الكراهةُ خلافَ ما شَهَّرَه ابنُ راشدٍ وغيرُه.
أخرج بـ (الْعَاصِي) مَنْ لَبِسَهما لضرورةٍ، فإنه يَجوزُ له المسحُ، والمرأةَ على أنها ليستْ بعاصيةٍ، على أنها تخرج بلفظة (المُحْرِمِ).
وظاهرُ كلامِه على أن مقابلَ الأصحِّ منصوصٌ. وفي المازري: مَنَعَ بَعْضُ أصحابِنا المُحْرِمَ مِنَ المَسْحِ؛ لأنه منهيُّ عن اللبس، فلا يُرَخَّصُ له في المسح عليه، وعندي أنه قد يَتَخَرَّجُ على القولين في جوازِ القَصْرِ لمن سَفَرُه معصيةٌ. انتهى.
وهل يَمْسَحُ على الخُفِّ المغصوبِ؟
ابنُ عطاء الله: واحْتَرَزْنَا بقولِنا أن يكون اللبسُ مباحاً مما لو لبس المُحْرِمُ الخفين مِن غيرِ عُذْرٍ، أو لبس الإنسانُ خفين مغصوبين- لم يَجُزِ المسحُ في المسألتين؛ لأنَّ المسحَ رخصةٌ، وحكمةُ الشرعِ تَقتضي أَلاَّ يُوَسَّعَ على العاصِي.
وقال في الذخبرة: سؤالٌ: إن قيل: كيف صَحَّتْ صلاةُ الغاصبِ إذا مَسَحَ بخلافِ المُحْرِمِ، وكلاهما عاصٍ؟ فجوابُه أن الغاصبَ مأذون له في الصلاةِ بالمسحِ على الخفين في الجملةِ، وإنما أدركه التحريمُ مِن جهةِ الغصبِ، فأَشْبَهَ المتوضئَ بالماءِ المغصوبِ والذابحَ بالسكينِ المغصوبةِ فيَاثَمَانِ، وتَصِحُّ أفعالُهما.