وقال ابنُ أبي زيد وغيرهُ: يَجعل يدَه اليسرى على ظَهْرِ رجلِه اليسرى؛ لأنه أَمْكَنُ، وهذا معنى قوله:(وَقَالَ غَيْرُهُ: الْيُسْرَى عَلَى الْعَكْسِ).
ونقل ابن حبيب عن مطرف وابن الماجشون، قال وذَكَرَ أن مالكاً أَراهما المسحَ هكذا، وأن ابنَ شهابٍ وَصَفَ لهما المسحَ وهكذا، وهذا مما يرجحُ هذه الطريقةَ.
الصفة الثانية: أن يبدأ بيَدَيْهِ مِن الكعبين مارّاً إلى القَدَمِ. والضمير المجرور في (فيهما) عائدٌ على الرِّجلين.
وانظر: هل يأتي الخلافُ المتقدمُ في كونِ اليمنى على الرِّجلين، أو اليمنى على اليمنى، واليسرى على اليسرى؟
الصفة الثالثة: أن يجعل اليَدَ اليمنى كالصفةِ الأولى، واليدَ اليسرى مِنْ عِنْدِ العَقِبِ كالصفةِ الثانيةِ، ويُمِرُّهما مختلفتين.
وهذه الصفةُ لابنِ عبدِ الحَكَمِ، وهي منقولةٌ هكذا كما ذكرتُ لك، وليس المرادُ ما يُعطيه ظاهرُ اللفظين مِن أنه يَمسح الرِّجْلَ اليمنى كالصِّفَةِ الأُولَى، والرجل اليسرى كالصِّفَةِ الثانيةِ لِعَدَمِ وُجُودِ ذلك. وإن كان ابنُ عطاء الله أَخَذَها مِن ظاهرِ كلامِ اللخمي، ولعله وَهِمَ.
ومنشأُ الخلافِ: هل يُرَاعَى في الخفين ما يُراعى في الرِّجلين مِن البدايةِ مِن القَدَمِ مع تكرمِة اليَد اليُمنى عن الوصولِ إلى محلِّ الأقذارِ، وهو أسفلُ الخُفِّ؟ أو تقديمُ إزالةِ الأقذارِ، فيبدأُ بالعَقِبِ خَوْفاً مِن أن ينعطف شيءٌ مِن الأقذارِ إلى العَقِبِ؟
والتعليلُ الأولُ أَوْلَى لما فيه مِن مشابهةِ الفرعِ للأصلِ، وما رُوعِيَ في الثاني يُمكن الاحترازُ منه بالنظرِ إلى الخِفِّ قَبْلَ المَسْحِ.
وهذا الكلامُ كلُّه إنما هو في الأفضلِ، وإلا فيكفي التعميمُ على أيِّ صِفَةٍ كانت.