وقد فرق ابن الكاتب بين المسألتين، بأن المتلاعنين أحدهما كاذب، إلا أنه لا يدري من هو منهما، فإذا قال الزوج، ما كنت إلا صادقاً لم يحد، إذ لعله كان صادقاً، والقاذف إنما حد تكذيباً له، فإذا قال: كنت صادقاً، فهو قذف مبتدأ، فوجب أن يُحدَّ تارة أخرى، والله أعلم.
لأن استلحاق الولد بعد نفيه إقرارٌ منه بالكذب فيما رماها به، فيحدّ، إلا أن تكون زنت بعد اللعان فحينئذ لا يحد ويصير كمن قذف عفيفاً، فلم يحد له حتى زنا المقذوف فإنه يسقط الحد عن القاذف، وهذا مذهب المدونة، قوله:(وقِيلَ) هذا القول لابن المواز، يعني يحد على القول الأول مطلقاً، سواء كان لاعن لنفي الحمل أو الرؤية، وقال محمد: إنما يحد إذا لاعن لنفي الولد، لأنه كذب نفسه باستلحاقه، وأقر بأن لعانه كان باطلاً، قال محمد: وأما إن ادعى الرؤية بانتفاء الحمل والتعن لهما معاً فلا يلزم من تكذيب نفسه في الحمل تكذيبه في الرؤية، فقد بقي للعانه محمل وهو الرؤية، هذا نص قوله: وعلى هذا فيكون قوله: وقيل: إن كان المنفي عن قذفها بالزنا، أي فلا يحد، وقوله: بالزنا، أي سواء كان الزنا بمفرده أو مع نفي الحمل، وأما إذا كان اللعان لنفي الولد فقط، فإنه يحد، وهذا خلاف ظاهر كلام المصنف، على أنه يمكن أن يقال أن قوله:(وقِيلَ)، راجع إلى قوله:(فَلا يُحَدُّ)، أي قيل لا يحد إن كان المنفي عن قذفها بالزنا.
احترز بالزوجة من الأمة، وبالمكلفة من الصغيرة، فإنهما لا يتلاعنان، نعم يلاعن هو إذا كانت ممن يوطأ مثلها، كما تقدم، وقوله:(فَتُلاعِنُ)، جعله كالنتيجة عما قبله، وفي