للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال ابن راشد: لا خلافَ عندنا في أن الصفرةَ والكدرةَ حيضٌ ما لم تَرهُ عَقِبَ طُهْرِها. فإِنْ لم يَمْضِ مِن الزمان ما يكون طهراً، فقد قال ابن الماجشون: إن رأت عَقِبَ طهرِها قطرةً مِن دَم كالغُسَالَةِ- لم يَجِبْ عليها غُسْلٌ، وإنما يَجِبُ عليها الوضوءُ لقولِ أمِّ عطيةَ: كنا لا نَعُدُّ الصفرةَ والكدرةَ بَعْدَ الطُّهْرِ حيضاً. انتهى. فانْظُرْه مع كلام ابن بزيزة.

وقوله: (وَحْدَهُ، أَوْ فِي أَيَّامِ حَيْضَتِهَا) أي: سواءٌ كانت الصفرةُ والكدرةُ وَحْدَها لم يَتَقَدَّمْها دَمٌ، أو كانت في أيامِ الدمِ كذلك.

وعلى هذا فتذكيرُ الضميرِ مُشْكِلٌ، وإنما كان ينبغي أن يقول: وَحْدَهما. ولعله أعاده على المفهومِ، أي سواءٌ كان المذكورُ وحدَه، على حَدِّ قوله تعالى: {وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً} (النحل: ٦٧).

وَأَكْثَرُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْماً عَلَى الْمَشْهُورِ، وَخُرِّجَ مِنْ قَوْلِ ابْنِ نَافِعٍ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ، وَأَكْثَرُ الطُّهْرِ غَيْرُ مَحْدُودٍ، وَأَقَلُّهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْماً عَلَى الْمَشْهُورِ، ابْنُ حَبيبٍ: عَشَرَةٌ. سَحْنُونٌ: ثَمَانِيَةٌ. ابْنُ الْمَاجِشُونِ: خَمْسَةٌ. وَقِيلَ: تُسْأَلُ النِّسَاءُ

قوله: (وَأَكْثَرُهُ) إلى آخره، أي: من حيث الجملة، وإلا فالْمَشْهُورِ التفرقةُ بين المبتدأةِ والمعتادةِ كما سيأتي، ويَرِدُ عليه الحاملُ، وسيتضحُ لك التخريجُ مِن قولِ ابنِ نافعٍ، على أَنَّ في نَقْلِه تَرَدُّداً سيأتي.

وأما الطهرُ فلا حَدَّ لأكثرِه؛ لجوازِ عَدَمِ الحيضِ، وأقلُّه خمسةَ عشرَ يوماً. ونقل المصنفُ وغيرُه أنه الْمَشْهُورِ، وحكاه في الجلاب عن ابنِ مسلمة، وأكثرِ أصحاب مالك المتأخرين، قال في التلقين: وهو الظاهرُ مِن المذهبِ.

ابن عبد السلام: وأكثرُ النصوص في الكتب الْمَشْهُورِةِ إنما هو القولُ الأخيرُ، ورجحه ابنُ عطاء الله. ومنشأُ الخلافِ اختلافُ العوائدِ، فكلٌّ أفتى بما عنده مِن العادةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>