ابن المواز: ولو أخذ بحديث سهلة: ((أرضعيه خمس رضعات)) في الحجاب خاصة لم أعبه وتركه أحب إلي، ولا فرق في التحريم باللبن بين أن يصل صرفاً أو مخلوطاً كما [٤١٧/أ] قاله المصنف، وهذا إن لم يغلب اللبن بالمخالطة وأما إن كان مغلوباً فقال ابن القاسم: لا ينشر الحرمة وهو مذهب أبي حنيفة. وقال أشهب وابن الماجشون: يحرم وهو قول الشافعي، وهذا معنى قوله (وَفِي لَغْوِ المْغَلُوبِ بِالْمُخَالَطَةِ قَوْلانِ) لأن تقديره وفي لغو المغلوب بالمخالطة وعدم لغوه قولان لابن القاسم وابن الماجشون، فابن القاسم يلغيه وابن الماجشون لا يلغيه.
وقوله:(كَأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ) الأول للأول والثاني للثاني، والأقرب قول عبد الملك إذ لو انفرد اللبن لحرم، وهو الذي رجحه ابن محمد السوسي واللخمي وغيرهما، ونظيرها إذا حلف ألا يأكل خلاً فأكل طعاماً فيه خلاً مستهلكاً، وهذا إنما هو إذا كان اللبن مخلوطاً بغير اللبن. وأما إن اختلط لبن امرأتين فقال مالك والشافعي: تحرم المرأتان معاً. وقال ابن يوسف: الحكم للغالب منهما. وأخذ عياض من المدونة التحريم من مسألة من حملت من زوج آخر أن اللبن يكون للزوجين. قال: وتردد بعضهم: هل يقول ابن القاسم بلغو المغلوب بلبن آخر كالطعام أم لا أو يفرق بين اللبن والطعام، انتهى. وحكى بعضهم الاتفاق على التحريم.
(وَالْوَجُورُ) بفتح الواو ما يدخل في وسط الفم، وقيل ما يصب في وسط الحلق، وفعله وجر وأوجر واللدود ما صب تحت اللسان، وقيل ما صب في جانب الفم واللديدان جانبا الفم، يعني أنه لا فرق في التحريم بين الرضاع والوجور، ونبه بذلك على قول داود القائل بعدم التحريم إلا بما يرضع من الثدي. ومذهبنا أن المصة الواحدة كافية في التحريم لظاهر قوله تعالى:{وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ}.