كان بعدهما بمدة قريبة وهو مستمر الرضاع أو بعد يومين من فصاله نشر الحرمة لأنه لو أعيد إلى اللبن لكان له غذاء وعشاء وهذا هو المشهور، وروي عن مالك أنه يعتبر الحولان من غير زيادة.
وعلى المشهور فاختلف في حد القرب على خمسة أقوال حكاها اللخمي وغيره، قال في الحاوي: مثل نقصان الشهور وإليه ذهب سحنون. وقال في المختصر: الأيام اليسيرة. وقال ابن القصار: يحرم مثل الشهر، قال وليس بالقياس لقوله تعالى:{وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا}[الأحقاف:١٥] يريد أن القياس لا يزاد على الحولين، وروى عنه عبد الملك أنه لا يزاد على الشهر ونحوه، وقال في المدونة: الشهر والشهرين. وروى عنه الوليد بن مسلم ثلاثة أشهر. اللخمي: وهو أحسن.
ومحمل الآية في السنتين أنها كافية للمرضع ليس أنه لا منفعة فيما زاد لقوله عليه الصلاة والسلام:((لا يحرم من الرضاع إلا ما فتق الأمعاء وكان قبل الفطام)) وهذا حديث صحيح ذكره الترمذي، فعلق التحريم بما كان قبل الفطام وقبل أن ينتقل غذاؤه من اللبن، وهذا لم يفطم واللبن قوام جسمه يشبع لوجوده ويجوع لعدمه، ولم يقع القول الأول في كل النسخ ووقع في نسخة ابن راشد وسقط في نسخة ابن عبد السلام.
يعني: إذا فصل في الحولين فإن لم يستغن نشر الحرمة باتفاق، وإن استغنى فإما بمدة قريبة أو بعيدة، فإن كان بمدة بعيدة لم يعتبر وإن كان بمدة قريبة فقولان، المشهور وهو مذهب المدونة أنه لا يحرم، قال في الجواهر: إلا أن يكون زمن الرضاع قريباً من زمن الاستغناء. والثاني لمطرف وابن الماجشون وأصبغ في الواضحة يحرم إلى تمام الحولين.
وقال بعض الشيوخ: إن كان الرضاع مصة أو مصتين لم يحرم، وإن أعيد إلى الرضاع وأسقط الطعام حرم، ولم يتعرضوا في هذا القسم إلى تحديد القريبة كالقسم الأول، ولعل لأنهما متقاربان.