وقد عَبَّرَ بعضُهم عن هذه الطريقة بأن الغسلَ عند انقطاعِ أيامِ اللَّداتِ مستحبٌّ، وعند الخمسةَ عشر واجبٌ. قال المارزي: وهذه العبارةُ يجب– عندي– أن تُحَقَّقَ لئلا يغلطُ مَن لا دِرَايَةَ له بالحقائقِ، فيتوهمُ أن الغُسْلَ مستحبٌّ، فلا تَاثَمُ إن صلتْ بغير غُسْلٍ، وهي متى صَلَّتْ مِنْ غيرِ غُسْلٍ أَثِمَتْ بإجماعٍ؛ لأنها حائضٌ صَلَّتْ بغيرِ غُسْلٍ بإجماعٍ، والصلاةُ وإن كانت عند هؤلاء غيرَ واجبةٍ، فالطهارةُ لها واجبةٌ على مَن أراد الشروعَ فيها. ولعل معنى قولِ هؤلاء: الغُسْلُ مُسْتَحَبٌّ: أنها لو تَرَكَتْهُ لِتَرْكِها الصلاةَ لم تَاثَمْ، فهذا الإطلاقُ يجب أن يُحَقَّقَ هكذا.
وأمَّا مَنْ حَكَمَ بأنها مستحاضةٌ قطعًا فلا ريبَ عنده في وجوبِ الغسلِ؛ لاعتقادِه وجوبَ الصلاةِ عليها.
ومن ثمرةِ الخلاف أيضاً: إذا وجبت عليها عِدَّةٌ– كان مبتدأُ الطهر الذي هو عدتُها عند انقضاءِ أيامِ لِدَاتِها عِنْدَ مَنْ رآها مستحاضةً قطعًا، وبعد ذَهابِ [٣٩/ أ] الخمسة عشر يومًا عند مَن رآها مستحاضةً احتياطًا.
قال: ومِن ثمرته أيضاً– عندي– طلاقُها حينئذٍ، هل يُجبر الزوجُ فيه على الرجعةِ؟ فعلى الاستحاضةِ المحققةِ لا يُجْبَرُ. وهذا كلُّه– وإن ذكره المازري في المبتدأةِ– فلا فرقَ بينها وبين المعتادةِ في ذلك، والله أعلم.