وظاهر قوله:(وإِنْ حَلَفَ أُحْنِثَ) أنه يحنث بمجرد حلفه ألا يدخلوا إليها، وهو قول مالك في سماع أشهب. وقال ابن حبيب: لا يحنث حتى يحلف ألا يدخلوا إليها ولا تخرج إليهم، وينبغي أن يكون الحال في الولد أشد ولاسيما مع صغر السن، فإن حلف على أبويها أن لا يدخلا ولا تخرج إليهما، فقيل: يجبر على تحنيثه باي الأمرين شاء، إما بدخولهما إليها وإما بخروجها إليهما، وقيل: يجبر على الدخول أو الخروج ولا يحنث حتى يزيد في يمينه، ولو حكم عليه حاكم وهما على الخلاف في إكراه القاضي هل يمنع من الحنث أم لا؟
هذه المسالة لم تثبت في كل النسخ وسقطت من نسخة ابن عبد السلام وثبتت في نسخ ابن راشد، فقال: يريد ما قاله مالك أرى أن يقضى عليه بأن تشهد جنازة أبيها وأمها وتزورهما في الأمر الذي فيه الصلاح والصلة، وأما الحمام والجنائز فلا أرى عليه ذلك.
وتحقيق المذهب أن المرأة إذا أرادات الخروج إلى أبيها وأمها فإن كانت متجالة فلا خلاف أنه يقضى لها بالخروج على زيارتهما، وإن كانت شابة وهي غير مأمونة فلا خلاف أنها لا يقضى لها بذلك ولا إلى الحج، كذا رواه ابن عبد الحكم عن مالك، وإن كانت مأمونة فقولان: أحدهما: أنه يقضى عليه بذلك، والآخر أنه لا يقضى حتى يمنعها من الخروج إليهم ويمنعهم من الدخول إليها، فحينئذ يقضى عليه بأحدهما.
قال ابن حبيب: والشابة محمولة على أنها مأمونة حتى يثبت أنها غير مأمونة، وعلى هذا فقول المصنف: فلو حلف على ذلك لم يحنث، ليس على إطلاقه.