فرع: ولو كانت هذه المرأة أم ولد فغاب عنها سيدها وأثبتت مغيبة فإن الحاكم يتلوم لسيدها الشهر ونحوه ثم ينفذ عتقها على الغائب. هكذا قال ابن عتاب والقرشي والتميمي، وروى ذلك على بن زياد. وقال ابن الشقاني وابن العطار: لا تعتق وتسعى في معيشتها. وبه قال ابن القطان، قال: وتبقى حتى يصح موت سيدها أو ينقضي تعميره.
ابن سهل: والأول هو الصواب. واحتج الأولون بقول أشهب إذا عجز الرجل عن نفقات أمهات أولاده أنهن بمنزلة أزواجه إذا لم يقم بأمرهن، فيضرب له أجل الشهر ونحوه، فإن وجد لهن أدنى ما يكفي وإلا أعتقهن.
ابن سهل: قلت لابن عتاب: هل عليها عدة إذا حكم بعتقها؟ قال: تعتد بحيضة: قلت: فهل عليها يمين أن سيدها لم يخلف عندها شيئاً ولا أرسل إليها شيئاً كما يلزم زوجة الغائب؟ قال لي: لا يمين عليها، وبذلك أفتيت لطول أمد المغيب.
يعني: فإن كان للغائب مال بيع وفرض للزوجة النفقة من ثمنه إن لم يصلح أن يفرض منه كالدار وشبهها بعد يمينها أنها تستحق النفقة. واستغنى بقوله (أَنهَّا تَسْتَحِقّهَا) عما قاله المتيطي وغيره أنها تحلف ما ترك لها نفقة ولا بعث بها إليها ولا أسقطتها عنه. قال في المدونة: ولا يفرض على الغائب النفقة لزوجته إلا أن يكون له مال يعرى فيه وتباع فيها عروضه ورباعه إن لم يكن له عين، ولا يؤخذ منها بما تأخذه كفيلاً، ويقوم الزوج على حجته إذا قدم، وهكذا يصنع فيه لو أقيم عليه بدين وهو غائب. وإن كان للزوج ودائع وديون فرض للزوجة نفقتها في ذلك ولها [٤٢٤/أ] أن تقيم البينة على من جحده من غرمائه أن لزوجها عليه ديناً ويقضى عليهم بنفقتها. وقد علمت أن مذهب المدونة أنه تفرض نفقة الزوجة ويوفى الغريم من ودائعه.