فإن قبل فالمشهور وجوبه بخلاف النفقة. وفي الجلاب: لا يجب
ظاهر كلامه أن هذا من تمام ما قبله، وإنما ذكره في المدونة والجلاب في الموت، ونص المدونة: وإن مات الأب وللصبي مال فلها ألا ترضعه وتستأجر له من يرضعه من ماله إلا ألا يقبل غيرها على أن ترضعه بأجرها من ماله، فإن لم يكن للصبي مال لزمها إرضاعه بخلاف النفقة التي لا يقضى بها عليها، ولكن يستحب لها أن تنفق عليه إن لم يكن له مال.
وعلى هذا ففي كلام المصنف نظر، لأنه لا يؤخذ منه حكم الموت أصلاً، اللهم إلا أن يقال أن المصنف لم يتكلم على مسألة الموت وإنما كلامه مفرع على ما قبله، ومعناه أن المرأة إذا كانت شريفة أو بائناً وكان الأب عديماً وقبل الابن غيرها فالمشهور وجوب الإرضاع عليها.
فإن قيل هو لم ينص في المدونة على هذه الصورة. قيل: لا فرق بين أن يموت الأب ولا مال للصغير وبين أن يكون الأب عديماً في المعنى. ولهذا حكى ابن بشير المشهور وقول ابن الجلاب في الأب العديم، وعلى كل تقدير فكلامه ليس بظاهر، لأنه إن أراد مسألة الموت وهي التي في المدونة والجلاب فكلامه لا ينبئ عن ذلك، وإن أراد التفريع على مسألة الشريفة فليس بظاهر لأن التخريج وإن كان صحيحاً فكلامه لا ينبئ عن التخريج، والظاهر أنه أراد هذا الثاني، لأن كلامه لا ينبئ على الموت ولا سيما على ما وقع في بعض النسخ:(فإن قبل غيرهما) بضمير التثنية فيتعين الثاني، لأن الضمير ليس له شيء يعود إليه إلا الشريفة والبائن. وفي بعضهما:(غيرها) فيعود على الأم. وبما في الجلاب قال عبد الوهاب. ابن الجلاب: ويكون إرضاعه في بيت مال المسلمين.
وقوله:(بخلاف النفقة) أي فلا تجب على الأم بالاتفاق. وحمل بعضهم ما في المدونة وهي المشهور والذي حكاه المصنف على أن ذلك إذا تعذر الاستئجار من بيت المال، والفرق للمشهور بين النفقة والإرضاع أن اللبن مستخف.