قوله:(يعتق) - بالياء المثناه من تحت- عائد على الولد، قال في المدونة: وإذا أُعتق ولد الأمة وزوجها حر فطلقها فهي أحق بحضانة ولدها، إلا أن تباع إلى بلد غير بلد الأب، فالأب أحق به، أو يريد الأب انتقالاً إلى غير بلده فله أخذه.
محمد: وكذلك أيضاً إذا تزوجت الأم فالأب أحق به. قيل: وظاهر المدونة خلافه، وفيه نظر، وليس في المدونة ما يؤخذ منه أنها إذا تزوجت لا تسقط حضانتها، وإذا سقطت حضانة الحرة بالتزويج فالأمة أولى، وأسقط المصنف حرف العطف من قوله:(كالأمة) لأنه قصد بذلك الاستدلال على مسألة أم الولد، وذلك لأن الأمة المطلقة إذا لم يسقط حقها في الحضانة فالحرة التي كانت أم ولد وعتقها سيدها أَولى لأن الحرة أقوى على صيانة ولدها من الأمة.
واستشكل اللخمي وجوب الحضانة للأمة، لأنها مقهورة مشغولة بحق ساداتها، وإذا سقطت حضانة الحرة بالتزويج لما يتعلق بها من حقوق الزوجية، فالأمة أولى لأن سلطنة الرق أقوى من سلطنة الزوجية. وقد جنح مالك إلى هذا المعنى في مختصر ما ليس في المختصر، فقال: إذا أُعتق الصغير وأمه مملوكة وأمها حرة فتنازعاه، فأمه أحق به- دنيا-، إلا أن يكون ذلك مضراً به. فقوله:(مضراً به) جنوح منه إلى النظر فيمن كان في الرقم. وإلى هذا الإشكال أيضاً ذهب ابن رشد، فقال: القياس أن تكون الجدة الحرة أحق بالحضانة من الأم من أجل سيدها، كما إذا تزوجت الأم. قال: وإنما جعل الأم أحق، أي: في مسألة المختصر، لأنه رأى ألا يفرق بينه وبين أمه ورآها أحق بحضانته من الجدة الحرة، لأن سيده هو الذي ينفق عليه من أجل أنه أعتقه صغيراً، ألا ترى أن من قول مالك وغيره في المدونة وغيرها أن من أعتق صغيراً وأمه عنده أنه لا يبيعها إلا ممن يشترط عليه نفقته ليكون مع الأم في نفقة سيدها.