وقول السائل:(بكَمْ) هو يحتمل أن يريد: بكم اشتريتها أو بكم تبيعها، فإذا قال له السائل: قد رضتيها، فلابد من جواب البائع، لكن لما كان كلامه الأول محتملاً حلفه مالكٌ لرفع الاحتمال، ولعل مالكاً لو سئل عن الأولى ما قبل فيها من المشتري يميناً.
ولهذا الذي أشرنا إليه من أن اللزوم في بعني أقوى، ذكر صاحب البيان بعد أن ذكر الخلاف المتقدم في قوله: بكم، أنه اختلف إذا قال المشتري: بعني بكذا، فلما أراد البائع أن يلزمه ذلك أبى، أو قال البائع: خذها بكذا، فلما أراد المشتري أن يأخذها أبي، فقيل: إن ذلك كالمساومة، يدخل في ذلك الاختلاف المذكور، وهو الذي يأتي على ما في المدونة، لأنه ساوى بينهما. وقيل: إن قول المشتري بعني، بمنزلة قوله: اشتريت. وأشتريها بكذا، بمنزلة قوله: قد بعت، يلزم ذلك كل واحد منهما إذا أجابه صاحبه بالقبول، وإلا مضى في المجلس قبل التفرق في بابه. والله أعلم.
ابن راشد: فرع: إذا تراخى القبول عن الإيجاب، فهل يفسد البيع أم لا؟ أشار ابن العربي في قبسه إلى الخلاف في ذلك، ثم قال: والمختار جواز تأخيره ما تأخر. وفي شرح الجلاب المنسوب بإفريقية للشار مساحي ما يدل على اعتبار القرب، قال فيه: وإذا نادى السمسار على السلعة فأعطى فيها تاجر ثمناً لم يرض به البائع، ثم لم يزده أحد على ذلك، فإنها تلزمه بذلك الثمن إلا أن تطول غيبته.
وفي المقدمات: الذي يأتي على المذهب أن من أوجب البيع لصاحبه من المتبايعين إن أجابه صاحبه بالقبول في المجلس، لم يكن له أن يرجع. ومقتضى ذلك: أنه إن لم يجب في المجلس أنه لا يلزمه. والظاهر ما قاله ابن العربي، بدليل أن المحجور عليه إذا باع من ماله أن لوليه الإجازة، وإن طال الأمر ولم يحصل غير الإيجاب من المحجور مع قبول المبتاع،