وجعل المصنف الخلاف في السكران الذي لا يميز، وكذلك ذرك ابن شعبان والقاضي عياض، وعليه فلا خلاف في لزوم البيع لغير الطافح، وطريقة ابن رشد بالعكس. وقد تقدم في الطلاق. [٤٣١/ب].
والتكليف شرط اللزوم
يعني: شرط لزوم البيع أن يصدر من مكلف، وأما لو صدر من صبي فلوليه إمضاؤه ورده، ولا يلزم كل مكلف، إذ قد يقوم به مانع كالسفه وغيره ممن حجر عليه، هذا هو الظاهر هنا.
وقال ابن راشد: عبر بالتكليف عن الرشد والطوع، لأن السفيه لا يلزمه بل لوليه أن يفسخه، وكذلك من أجبر على البيع لا يلزمه البيع، أعني: إذا أجبر جبراً حراماً.
ابن سحنون: وأجمع أصحابنا على أن بيع المكره غير لازم، واحترزنا بقولنا: جبراً حراماً عن المجبر جبراً شرعياً، كجبر القاضي المديان على البيع للغرماء، وجبر العمال على بيع أموالهم، فإنه جائز ويلزمه البيع، سواء كان السلطان يرد المال على من كان أخذه منه أو يأخذه لنفسه، كالمضغوط في دين لزمه، لأن إغرام الوالي العمال ما أخذوه من الناس حقٌ فعله الوالي وعليه أن يرده إلى أهله، فإذا حبسه فهو ظالم في حبسه، نقله ابن حبيب عن مطرف، وابن عبد الحكم، وأصبغ.
خليل: وما ذكره من أن المكره غير مكلف صحيح، لأن أهل الأصول نصوا على أن الإكراه الملجئ يمنع التكليف. وأما السفيه فلقائل أن يقول: لا نسلم أنه ليس مكلفاً بالبيع، فإن قيل: لو كان مكلفاً به لزمه البيع، قيل: يحتمل. ولو قلنا: إنه مكلف بالبيع أن لا نقول بإمضائه للحجر عليه فتأمله.
ولا إشكال في عدم لزوم البيع لمن أجبر جبراً حراماً، فقد نص ابن القاسم على أن الذي يضغط في الخراج فيبيع متاعه، أنه يرد متاعه عليه بلا ثمن إذا كان بيعه إياه على عذاب، أو ما أشبه ذلك من الشدة، قال: لأن أخذ الثمن على ذلك ليس بأخذ.