وفي الموازية: لا بأس بالطلع متفاضلاً أو بصغير البلح، وكذلك الجمار. والطلع: طعام فلا يصح بالطعام يداً بيد، نقله ابن يونس. وكذا ذكر اللخمي الخلاف في البلح الصغير، فقال: اختلف فيه هل له حكم الطعام؟ فقال مالك: هو علف. وقال ابن القاسم: هو بمنزلة البقل. قال: وأرى أن ينظر للعادة فيه، فإن كانوا يريدونه للعلف واستعماله للأكل قليل فله حكم العروض، وإن كانوا يريدونه للأكل وغيره نادر وكان استعماله في كليهما كثيراً فله حكم الطعام.
وأما البلح الكبير فليس الخلاف فيه هل هو طعام أو لا؟ وإنما الخلاف فيه هل هو طعام ربوي يحرم فيه التفاضل؟ ففي المدونة: لا يجوز إلا مثلاً بمثل وهو المشهور. وقال الشيخ أبو إسحاق: وليس هو بربوي، لأنه لا يدخر فأشبه الخضروات. اللخمي: وهو أحسن لأنه غير مدخر، فكذلك البلح الكبير بالبسر أو الثمر. قال مالك: لا خير فيه. وقال في مختصر ما ليس في المختصر: تركه أحب إلي، وعسى أن يجوز. قال: وهذا أقيس، لأنه قد يدخر ما ليس بمدخر. وإذا تقرر ما ذكرناه فكان ينبغي للمصنف ألا يخلط البلح الكبير مع الصغير والطلع، لأن الخلاف فيهما متباين كما ذكرنا. وخلطه لهما ملزم لأحد أمرين، لأن ظاهر كلامه أن في البلح الكبير طريقين، وإن أراد أن الطريقين في أنه طعام أو لا؟ فليس كذلك، لأنه طعام اتفاقاً، وإنما الخلاف هل هو ربوي أو لا؟ وإن أراد أن الطريقين فيه في أنه ربوي أو لا؟ وعليه حمله بعضهم فيبقى كلامه يفيد أن في البلح الصغير قولاً بأنه ربوي، وليس بموجود.
والمعروف أن اللبن مطلقاً ربوي، وخرج اللخمي من المدونة من قوله: ويجوز سمن بلبن قد أخرج زبده، فقال: لو كان ربويا لكان من الرطب باليابس. ورده ابن بشير بأن السمن نقلته الصنعة والنار
مقابل المشهور للخمي، فإنه رأى جواز التفاضل بين المخيض والمضروب. فإن قلت: لِمَ لَمْ يجعل مقابل المعروف تخريجاً؟ قيل: لأنه لو أراد ذلك لقال على المنصوص، كما هو الأغلب في كلامه.