للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال أشهب: إنما يمتنع إذا كانت المنافع مضمونة، وأما منافع معين فيجوز، لأن المنفعة إذا استندت إلى معين أشبهت المعينات المقبوضة لأنه أسندت إلى معين، كأن يفسخ الدين في ركوب دابة معينة إلى بلد، أو في كراء مضمون إلى بلد، وسبب الخلاف هل قبض الأوائل كقبض الأواخر؟ ورأى ابن القاسم أن المنافع وإن كانت معينة كالدين لتأخر أجزائها، أي: لأنها لا تقبض ناجزاً، ولأن الضمان من مالك الرقبة. وسبب الخلاف في المعين هل النظر إلى التعيين، أو النظر إلى عدم القبض وتأخيره.

وكلام المصنف هنا إنما هو في بيع الدين من المدين، لأنه سيتكلم في بيعه من غيره.

وصحح المتأخرون قول أشهب، لأنه لو كانت منافع المعين كالدين يمتنع فسخ الدين فيها لامتنع اكتراء الدواب واستئجار العبد وشبهه بدين، والمذهب جوازه. وفرق بأن اللازم في محل المنع هو فسخ الدين، وفي محل الجواز ابتداء الدين بالدين، وهو أخف.

وفي بيعه بمعين يتأخر قبضه كالدار الغائبة والمواضعة، والمتأخر جذاذه، قولان ....

يعني: فلو باع الدين لمن هو عليه بدار غائبة أو أمة متواضعة أو ثمر بدا صلاحه ولا يجذ في الحال، فقولان: المشهور، وهو مذهب المدونة: المنع، لأنه قد تأخر القبض فأشبه الكالئ بالكالئ. والقول بالجواز لأشهب.

واستشكل الشيوخ المنع في الدار الغائبة، لأنه كالمقبوضة بنفس العقد على المشهور كما تقدم، بخلاف الأمة المتواضعة فإن ضمانها من بائعها، وكذلك المتأخر جذاذه فيه ضمان الجوائح. ولهذا قال جماعة: إن معنى المسألة أن الدار بيعت مدارعة فصار فيها حق توفيه.

فإن بيع من غير المدين اشترط حضوره وإقراره

يعني: فإن بيع الدين من غير من عليه الدين فيشترط حضور المديان وإقراره، أما حضوره فليعلم ملاؤه وعدمه، وأما إقراره فلئلا يكون من شراء ما فيه خصومة

<<  <  ج: ص:  >  >>