مثال البيع والسلف: أن يبيع سعلتين بدينار إلى شهر ثم يشتري واحدة منهما بدينار نقداً، وقاعدة مالك- رحمه الله- وأصحابه: عدُّ ما خرج من اليد وعاد إليها لغوا، وكأن البائع خرج من يده سلعة ودينار نقداً يأخذ عنهما عند الأجل دينارين، أحدهما عوضٌ عن السلعة وهو بيع، والثاني [٤٥٩/ب] عوضٌ عن الدينار المنقود وهو سلف جر منفعة.
ومثال سلف جر منفعة- المسألة التي هي أصل هذا الباب-: أن يبيع ثوباً بعشرة إلى شهر، ثم يشتريه بثمانية نقداً، فقد رجع إليه ثوبه وخرج من يده ثمانية يأخذ عنها عشرة.
وقوله:(منع) أي: البيع الموصل إلى هذا الممنوع. وأشار ابن راشد إلى أنه كان ينبغي أن يكتفي ببيع وسلف، لأن ذكر سلف جر منعفة يغني عنه، لأن البيع والسلف إنما منع لأدائه إلى سلف جر منفعة. وأجيب: بأنه وإن كان مؤدياً إليه إلا أنه تعليل بالمظنة فهو أضبط.
وإن كان مما يقل، كدفع الأكثر مما فيه الضمان وأخذ أقل منه إلى أجل، فقولان ....
(إلى أجل) متعلق بـ (دفع) أي: وإن كان الباطن الممنوع قليل الوقوع لقلة من يقصد إليه، لأن الغالب دفع الأقل لتحصيل الأكثر لا العكس، كما لو باع ثوبين بعشرة دراهم إلى شهر، ثم اشترى منه عند الأجل أو قبله ثوباً منهما بالعشرة فآل أمره إلى أنه دفع له ثوبين ليضمن له أحدهما بثوب إلى أجل. وظاهر المذهب من القولين الجواز لبعده.
ابن بشير، وابن شاس: والقولان مشهوران، ولا خلاف أن صريح ضمان بجعل ممنوع، لأن الشرع جعل الضمان والجاه والقرض لا يفعل إلا لله بغير عوض، فأخذ العوض عليه سحت.
وإن كان بعيداً جداً، كأسلفني وأسلفك، فالمشهورة: جوازه
(وأسلفك) منوصب بعد الواو على معنى الجمع، أي: ليجتمع سلف منك وسلف مني. والشاذ لابن الماشجون، ومثاله: لو باعه ثوباً بدينار إلى شره ثم اشتراه بدينار نقداً