وهذه المسألة مخصصة لعموم التشبيه في قوله: فمثلها صفة ومقداراً كعينها، لأن ما يعرف بعينه تنتفي فيه علة المنع، وهي السلف بزيادة، لا يقال: إذا غالب على ما يعرف بعينه فقد انتفع به، والسلف لا يتعين فيه رد المثل، بل يجوز فيه رد العين والمثل فلم لا تعدوه سلفاً، لأنا نقلو: لما رجعت العين فكأنهما اشترطا ذلك فخرجا عن حقيقة السلف، وفيه نظر.
فإن قيل: يفهم من قوله: (ويمتنع بأقل إلى الأجل) أنه يجوز بأقل إلى أبعد من الأجل، والمنقول فيها المنع. ذكره صاحب المقدمات وعلله بسلف بزيادة.
فالجواب: لا يفهم ذلك منه، بل يفهم منه المنع مع التأمل للمساواة في العلة، وهي السلف بزيادة. وعلى هذا فالممتنع من الاثنتي عشرة مما لا يعرف بعينه خمس: فثلاث لقوله أولاً. فمثلها صفة ومقداراً كعينها. ورابعة لقوله: ويمتنع بأقل إلى الأجل. وخامسة: وهي بأقل إلى أبعد لمساواتها لهذه، ويمتنع على قول ابن الماجشون. سادسة: وهي بمثل الثمن إلى أبعد، بناء على اعتبار أسلفني وأسلفك.
فإن اختلفا في المقدار وكان الراجع أقل، فكسلعتين ثم اشتريت إحداهما
وإن اختلفا، أي: المبيعان مما لا يعرف بعينه في المقدار فاسترد أقل، فكسلعتين بعتهما ثم اشتريت إحداهما. والتشبيه يعم التصور والحكم.
فأما التصور: فمتوجه من حيث الجملة، فلا خفاء في تصور الأثنتي عشرة صورة، ومن حيث التفصيل تتضاعف صور المشبه، وهو ما لا يعرف بعينه باعتبار الغيبة وعدمها، فيتصور اثنتا عشرة عينا. وأما التشبيه في الحكم: فيصح مع عدم الغيبة، لتساويهما في الممتنع والجائز.