أما الأولى: فلتهمة سلف جر نفعاً، كما لو باعها بعشرة إلى شهر ثم اشترى أحدهما بعشرة إلى شهرين، لأنه البائع خرج من يده ثوب على أن يسلفه المشتري عشرة بعد شهر يأخذها منه بعد شهرين، والثوب عوض انتفاعه بالسلف.
وأما الثانية: وهي أن يشتريه بأقل إلى أبعد، فلأنه بيع وسلف، لأن البائع إذا اشتراه ثانياً بخمسة إلى شهرين، فقد خرج من يده ثوب يعطيه المشتري عند حلول الأجل عشرة، خمسة منه عوض عن الثوب، وخمسة يسلفها له يأخذها منه بعد شهرين.
وأما الثالثة: وهي أن يشتريه بأكثر على أبعد، فهو سلف جر نفعاً، وتصوره ظاهر.
وقد يمكن أن تندرج هذه الصورة الثالثة- وهي أن يشتري بأكثر إلى أبعد- في قوله:(تعجل فيه الأقل) لأن ما يأخذه البائع بعد شهر أقل، ويتعجل بالنسبة إلى ما يأخذه بعد شهرين. وأما الأوليان فلا تندرجان في كلامه.
ولو اشترى أحدهما بغير صنف الثمن الأول، فقالوا: يمنع مطلقاً، وعندي في النقد المربي على جميع الثمن، الظاهر: الجواز ....
مراده بغير الصنف: أن يكون الثمن الأول ذهباً والثاني فضة، أو يكون الأول محمدية والثاني يزيدية، فيئول الأمر إلى أن البائع رجع إليه أحد ثوبيه وخرج من يده ثوب وذهبٌ يأخذُ عند الأجل فضة، أو خرج من يده ثوب ومحمديةٌ يأخذ عند الأجل يزيدية.
وقوله:(فقالوا: يمنع مطلقاً) أي: سواء كان الثمن الثاني أقل، أو أكثر، أو مساوياً، نقداً، أو إلى أجل دون الأجل، أو إلى الأجل نفسه أو أبعد.
ابن بشير: ولا خلاف في ذلك، وعلله بأن السلعة المردودة سلف، وما خرج من الثوب والذهب أو المحمدية مبيع بما في ذمة المشتري من الفضة أو اليزيدية مع ما فيه من الصرف المستأخر أو البدل المستأخر.