وقع هنا نسختان:(منها)، و (فيها) والثانية أحسن، لأن الضمير في:(فيها) يعود على المدونة. والضمير في:(منها) ظاهره أنه عائد على بياعات الآجال وهما ليستا منها، ويحتمل أن يعود أيضاً على المدونة. وتسمى الأولى منها مسألة البرذون لفرضها فيه في أصل المدونة، وفرضها البرادعي في فرس. والثانية ذكرها ربيعة وهي موافقة لأصول المذهب، ولذلك أتى بها سحنون.
فالأولى: إذا أسلم فرساً في عشرة أثواب، ثم استرده قبل الأجل مع خمسة لم يجز، لما فيه من بيع وسلف، وضع وتعجل، وحط الضمان وأزيدك ....
أي: فالمسألة الأولى، وتصورها ظاهر، ثم أخذ يتكلم على بيان العلل الثلاث، فقال:
فأما البيع والسلف، فمبني على المشهور من أن المعجل لما في الذمة مسلف، ثم يقتضيه من ذمته عند أجله لا أنه أداه وبرئ، وصوب المتأخرون الشاذ ....
أي: أن البيع والسلف ينبني على المشهور من أن المعجل لما في الذمة مسلف، ثم يقتضيه من ذمته عند أجله، لأنه لما ترتب له في ذمته عشرة أثواب إلى شهر ثم أعطاه خمسة الآن وفرساً، فالخمسة سلف يقتضيها من نفسه عند تمام الشهر، والفرس مبيع بالخمسة الأخرى. وأما على الشاذ من أن المعجل لما في الذمة لا يعد مسلفاً ويبرأ، فيجوز كما لو كان حالاً، وهو قول البرقي. ولكن لا يدل هذا على أنه يجيز المسألة للعلتين الأخيرتين.
وقوله:(وصوب ....) إلخ. فمن ذلك ما احتج به اللخمي من أنه لو كان مسلفاً لرب الدين للزم إذا أفلس المعجل أن يكون لغرمائه القيام على رب الدين ويأخذوا منه ما عجله له بمثابة من له دين وعليه دين، ثم قام الغرماء على أحدهما، فإن الآخر لا يكون أحق بما في ذمته.