فأما الثلاث الأول، فالأولى: أن يقول اشتر لي سلعة بعشرة نقداً وأنا أشتريها باثني عشر نقداً، وحكمها- كما تقدم-: إن كان النقد من عند الآمر أو المأمور بغير شرط فهي جائزة، وإن كان من عنده بشرط فهي إجارة فاسدة، لأنه أعطاه الجعل على أن يسلفه، فهي إجارة وسلف، وللمأمور الأقل من الدينارين أو جل مثله على مذهب ابن القاسم في السلف والبيع. وعلى قول ابن حبيب: إذا قبض السلف يكون له أجر مثله بالغاً ما بلغ. وقال ابن المسيب: لا أجر له. ابن رشد، وابن زرقون: وهو الأصح، لئلا يكون تتميماً للفاسد.
الصورة الثانية: أن يقول اشترها لي بعشرة نقداً وأنا أشتريها منك باثنى عشر إلى أجل. وهي الصورة التي ذكرها المصنف أولاً، فهي أيضاً غير جائزة، لأنه سلف بزيادة، وتلزم الآمر لأن الشراء كان له، وإنما أسلفه المأمور ثمنها ليأخذ أكثر منه إلى أجل، فيعطيه العشرة معجلة به ويسقط عنه ما أربى. واختلف فيما يكون له من الجعل على الأقوال الثلاثة.
الصورة الثالثة: أن يقول اشترها لي باثني عشر إلى أجل وأنا اشتريها بعشرة نقداً. فهي أيضاً غير جائزة حرام، لأنه استأجر المأمور على أن يبتاع له السلعة بسلف عشرة دنانير يدفعها إليه فينتفع بها إلى الأجل ثم يردها إليه، فيلزم السلعة باثنى عشر إلى أجل، ولا يتعجل المأمور منه العشرة النقد، فإن كان قد دفعها إليه وصرفها عنه ولم تترك عنده إلى الأجل، كان له جعل مثله بالغاً ما بلغ في هذا الوجه باتفاق.
وأما الثلاث الأخر، فهي كهذه إلا في إسقاط (لي):
الأولى: اشتر سلعة كذا بعشرة نقداً وأنا أشتريها منك باثني عشر نقداً، أو قال: أنا أربحك. فاختلف فيها قول مالك، فمرة أجازه إذا كانت البيعتان نقداً وانتقد، ومرة كرهه للمراوضة التي وقعت بينهما في السلعة قبل أن تصير في ملك المأمور.