وروى أصبغ عن ابن القاسم منعه، كمذهب أحمد بن حنبل. ورواه أيضاً سحنون عنه ثم رجع إلى الجواز، ولعله مبني على أنه رخصة فلا يتعدى المتعاقدين.
فإن كان على رضاه، فقيل: مثلها، وقيل: لا يستبد
أي: فإن اشترى أو باع على رضا فلان. وقوله:(مثلها) أي: في الخلاف. ويحتمل في القول الأول وهو الاستبداد. ويرجح هذا بوجهين، أولهما: أن ابن عبد السلام قال في الزكاة أن المصنف إذا شبه مسالة بأخرى وكان قدم في المشبه بها مشهوراً أو راجحاً، فإنه يشبه فيه فقط. وثانيهما: أن ما يذكره المصنف بعد هذا في الخيار ينفي أن يكون مراده بالتشبيه التشبيهَ في جميع ما تقدم، كما ستقف عليه.
والقول بأنه يستبد في الرضا، سواء كان بائعاً، أو مشترياً نقله عبد الوهاب عن ابن القاسم، ونقل عنه قولاً آخر أن للبائع أن يخالف خيار من اشترط خياره أو رضاه دون المشتري.
ابن يونس: فلم يختلف قوله أن البائع له أن يخالف، وإنما اختلف في المشتري.
قوله:(وقيل: لا يستبد) ظاهره: كان بائعاً أو مشترياً، وهذا القول هكذا تأول على المدونة. وعلى هذا فيتحصل في كل من الرضا والخيار ثلاثة أقوال، ثالثها: يستبد البائع دون المشتري. والفرق ظاهر المدونة، لأن فيها: إذا اشترى على رضا فلان أو خياره، فليس للمبتاع رد ولا إجازة دون خيار من اشترط رضاه. وقال في البائع: إذا اشترط رضا فلان فرضي فلان أو رضي البائع، فالبيع جائز.
ابن رشد: وحمل بن أبي زيد وغيره المدونة على هذا الظاهر، لقوة يد البائع وتقدم ملكه.
عياض: وذهب جماعة في تأويل المدونة إلى التسوية بينهما، وأنه ليس لواحد منهما خلاف، ورأوا أنه لما نص فيها على أن المشتري ليس له المخالفة يرد كلامه في البائع إلى ذلك، ويكون معنى قوله: أو رضا البائع. أي: مع رضا الآخر. وذهب آخرون إلى التسوية بينهما