والقول الثالث: اعتباره في الجميع إلا في حق الكافر لانتفاء عذره. وضعفه عبد الوهاب بأن الإسلام يجب ما قبله، وصرح ابن بزيزة بمشهوريته.
والرابع: لابن حبيب يعتبر في الجميع إلا في حق الكافر والمغمى عليه. أما الكافر فكما ذكره، وأما المغمى عليه فجعله ابن حبيب كالنون بجامع أن كلا منهما يبطل الوضوء. ولآن أحمد بن حنبل رضي الله عنه قال: يقضي ما قل وما كثر كالنائم. وقال أبو حنيفة: إن كان أغماؤه يوما وليلة فأقل وجب القضاء، وإلا فلا.
وأخرج ابن أبي زيد في النوادر الحائض عن الخلاف كما ذكر المصنف في الصبي.
وحكى المازري وغيره طريقة ثالثة بإجراء في الجميع حتى في الصبي. ونقل ابن بزيزة قولا باعتبار مقدار الطهارة وستر العورة. ونقل ابن عبد السلام عن بعضهم أنه اعتبر ستر العورة واستقبال القبلة.
وجزم ابن الجلاب باعتبار مقدار التطهير في حق الحائض، وتردد فيمن عداها، وجعله محتملا.
فإن قيل: قول المصنف: (لانْتِفَاءِ عُذْرِهِ) ينافي ما قدمه في عده الكفر من الأعذار.
قيل: لا؛ لأنه عذر باعتبار الإدراك والسقوط كما في غيره من الأعذار، لكن ليس في المعذور فيه لتمكنه من زواله بأن يسلم بخلاف الأعذار الباقية، فإنه لا قدرة لصاحبها على إزالتها، والله أعلم.
فرع:
وهل يقدر لأهل الأعذار مقدار الطهارة في طرف السقوط؟ قاله اللخمي، ولم أره لغيره.