وفي حمل كلام سحنون على الخلاف بحيث لا يخفي، ونص في المدونة على أنه لو اشترى ثمرة على الجذاذ فيها الجائحة إذا بلغت الثلث، كالثمار لا كالبقول، وسأل ابن عبد الحكم سحنوناً فقال: لم جعل فيها الجائحة ولا سقي على البائع؟ فقال: لأن معناه أن المشتري يأخذ ذلك شيئاً بعد شيء على قدر الجائحة، ولو دعاه البائع أن يأخذه في يومه لم يكن له ذلك، بل يمهل في ذلك، وهو وجه الشأن.
ويشترط أن يكون مفرداً عن أصله في بيع محض بخلاف المهر، وقال ابن الماجشون: فيه الجائحة ....
[٤٩٢/ب] أي: يشترط في وضع الجائحة شرطان:
الأول: أن يكون البيع على الثمرة بانفرادها، وأما إن اشتراها على أصولها فلا جائحة فيها، اشتريت قبل بدون الصلاح أو بعده، أما المشتراة قبل فبالاتفاق، وأما المشتراة بعد فهو المشهور، وقال أصبغ: أما ما عظم خطره من الثمرة ففيه الجائحة، ويقبض الثمن على الثمرة وعلى الأصل، لأن المشتري زاد لها في الثمن، واحتج في المدونة للأول بأنه وإن أوجبه الاشتراط فكان كمن ابتاع عبداً ثم استثنى ماله فهلك ماله ثم رد العبد بعيب أو استحق فإنه يرجع بجميع الثمن، ولا يحط بمال العبد منه شيء. وظاهر كلامه أنه لو اشترى الثمرة مفردة عن أصلها أن فيها الجائحة، وإن اشتراها مع غيرها ولو كانت تبعاً كمكتري دار فيها ثمر دون الثلث فقد نص في المدونة على أنها لا جائحة فيها لكونها تبعاً للكراء، واختلف إذا كانت قد أزهت، فقيل: فيها الجائحة، لقوله في المدونة "ولم يطب"، وعلى هذا اختصر ابن يونس المدونة، وقيل: لا جائحة فيها، لأنه قال: ومن اكترى أرضاً فيها سواد قدر الثلث فأدنى فاشترطه جاز ذلك ولا جائحة في ثمره فأطلق، وكلام اللخمي يأتي على الأول، لأنه قال: وإن اكترى داراً فيها ثمرة فاشترطها فإن كانت لم تطب وهي الثلث فأقل فلا جائحة فيها إن سقطت، وإن طابت فأكلها ثم انهدمت الدار