وجعل ابن راشد هذا فرعاً آخر، وذلك أنه لما ذكر جائحة العطش وأنه توضع مطلقاً قال: تنبيه: ومن اشترى شِرْباً معلوماً، ففي المدونة: لا بأس، ثم ذكر الكلام السابق.
ومن غيره وضع الثلث فما فوقه
أي: من غير العطش، وتصوره واضح، ثم إن وافقه المشتري على أن التالف الثلث فلا إشكال، وإلا فلابد من [٤٩٣/أ] إثبات ذلك بأن يحضر عدلان في وقت الشراء بحضرة المتبايعين، ثم ينظران بعد الجائحة، ويشهدان أن ما تلف الثلث فأكثر.
وفي البقول ثالثها كالثمار
هي روايات، والمشهور أنها توضع جائحة البقول وإن قلت، لأن إتلافها من العطش. وروى علي بن زياد وابن أشرس عن مالك أن جائحتها لا توضع حتى تبلغ الثلث، وفي الجلاب: لا جائحة فيها قلت أو كثرت.
واختلف في الأصول المغيبة، مثل الجزر واللفت والبصل والإسفنارية، هل هي كالبقول أم لا؟ ومذهب المدونة أنها كالبقول، وألحق ابن القاسم وابن المواز وابن حبيب الموزَ والمقاتي بالثمار، وألحق أشهب المقاتي بالبقول، فيوضع القليل والكثير.
اللخمي: ولا خلاف أن الجوائح توضع في المقاتي.
ابن رشد: وروي عن مالك أن جائحة الموز توضع مطلقاً، وألحقوا الزعفران والريحان والقَرَط والقضب بالبقول، وفي قصب السكر ثلاثة أقوال كالبقول، ومذهب المدونة فيه عدم القيام بالجائحة، وعلله فيها بأنه إنما يباع بعد أن يطيب، واختلف في ورق التوت، فقال ابن حبيب: هو كالثمار. وقال ابن القاسم في العتبية: هو كالبقول. وهذا إذا كانت الآفة فيه، وأما إذا كانت الآفة من غيره كما لو مات دود الحرير، فقال ابن القاسم: الأشبه أنه جائحة. وشبهه بمن اكترى حَّماماً أو فندقاً فجلا ذلك البلد ولم يجد من يسكنه، فقال المتقدمون: له أن ينحل عن الكراء.