وقيد المصنف كون القول قول المشتري بالبينونة كالمدونة لاتفاق المذهب على رجحان قول المشتري حينئذٍ، ومفهومه أنه لا يقيد قبلها، وفيه تفصيل إذا قال: دفعته إليه بعد قبض الرطب، فالقول قول الرطَّاب باتفاق، وإن قال: دفعته قبل قبض الرطب فثلاثة أقوال:
أحدها: أن القول قول البائع، وهو ظاهر قول مالك في العتبية.
والثاني: أن القول قول المبتاع، رواه ابن القاسم في الموَّازيَّة.
الثالث: أن القول قول المشتري في كل ما الشأن فيه قبض ثمنه قبل قبض المثمون، وهو قول ابن القاسم في الموَّازيَّة، حكاه ابن رشد. وحكى غيره في المسألتين قولين سواء قال: دفعته قبل قبض الرطب أو بعده، أما إن لم يقبض المشتري المثمَّن وادعى أنه دفع الثمن فلا خلاف أنه لا يعتبر قوله:
وقوله:(وكغيرهما) أي: وكذلك القول قول المشتري في غير البقل واللحم كالدور والعروض مما لم يجر العرف فيه بالقبض، بشرط الطول لشهادة العرف حينئذٍ، لأن البائع لا يصبر إلى مثل هذا الزمان، وهذا هو الأصل أنه يرجع إلى العرف، ووقع في الرواية التحديد بالزمان، فمن ذلك ما قاله ابن حبيب: أما الرقيق والدور والدواب والرباع وشبه ذلك مما لا يباع على الدين ولا على التقاضي، فالقول قول البائع في عدم القبض ما لم يمض لذلك السنة والسنتان، فالقول قول المبتاع ويحلف.
وأما التجارات مما يباع على التقاضي والأجل فالقول قول البائع، ما لم يمض لذلك عشر سنين أو أقل من ذلك مما لا يباع ذلك إليه، فيصدق المبتاع ويحلف. وروى ذلك مطرف وقال به. وساوى ابن القاسم بين البز والربع وغيره مما عدا الحنطة والزيت، وجعل القول قول البائع في ذلك كله وإن بعد عشرين سنة حتى يجاوز الوقت الذي يجوز البيع إليه.