وإذا اختلفا في الموضوع صدق مدعي موضع العقد، وإلا فالبائع لأنه كالأجل، فإن تباعدا ولم يشبه واحد منها تحالفا ....
[٤٩٧/أ] أي: فإن اختلفا في الموضع الذي يقبض فيه السلم، فإن ادعى أحدهما موضع العقد فالقول مع يمينه مطلقاً على المشهور، وهو مذهب المدونة، وقال سحنون: القول للبائع، ولو ادعى خلافه لأنه غارم. وقال أبو الفرج: يتحالفان ويتفاسخان إذا ادعيا ما يشبه، ولو ادعى أحدهما موضع التعاقد. وهذا إنما إذا كان اختلافهما بعد فوات رأس المال، وإلا تخافا وتفاسخا، نص على ذلك المازري وغيره وقد أهمله المصنف.
وما هو الفوات؟ فسره المازري بطول الزمان، فقال: فإن وقع الفوت بطول الزمان وفسره سند بالقبض، وهو ظاهر المدونة في هذه المسألة، ونصها: قلت أرأيت إن اختلف المسلم إليه ورب السلم في الموضع الذي يقبض الطعام فيه فقال المسلم إليه: إنما قبضت منك دراهمك على أن أعطيك الطعام في الفسطاط، وقال الذي له السلم: إنما دفعت إليه على أن أقبض منك في الإسكندرية، فالقول قول البائع، لأن الموضع كالآجال. وظاهره اعتبار القبض.
قوله:(وإلا) أي: وإن لم يدَّع منهما واحد موضع العقد فالقول للبائع، هو المسلم إليه، لأنه غارم كما أن القول قوله إذا اختلفا في الأجل، لأن اختلاف البلدان كاختلاف الآجال خلافاً لأبي الفرج، وإنما يكون القول قول البائع إذا أشبه قوله فقط أو أشبه ما قال كل واحد منهما، وأما إن لم يشبه إلا قول المشتري وحده فيعمل على قوله، وأما إن ادعيا معاً ما لا يشبه فقد نبه عليه بقوله:(فإن تباعدا) ولم يشبه قول واحد منهما، أي: وإن تباعدا في دعواهما فإن ادعى كل واحد منهما موضعاً بعيداً تحالفاً وتفاسخا. قاله في المدونة والموَّازيَّة والواضحة، لأنه وإن كان الأصل أن يعمل على قول المسلم إليه إلا أن العرف كذبه.