وبنى ابن بشير القولين على أن المأخوذ عما في الذمة سلف فلا يشترط الأجل أو بيع فيشترط.
وذكر بعضهم أن هذا الخلاف إنما يحسن إذا كان المقتضى مخالفاً في الجنس، وأما إن كان موافقاً فلا يشترط الأجل؛ لأنه في معنى القرض، والقرض يجوز حالاً ومؤجلاً؛ نعم يشترط فيه ما يشترط في القرض، وصورة ما ذكر أن يسلم ديناراً في قنطار حناء إلى شهر فقضى له فيه غير الجنس وهو قنطار من كتان مثلاً عند تمام خمسة عشر يوماً فهو رأس المال هنا، لأنه يقتضي من ذمته.
وصورته أيضاً أن يسلم ديناراً في ثوب ثم اقتضى فيه حماراً، فإن لم يكن أجل السلم بين عقد السلم والاقتضاء كان سلماً حالاً؛ لأن المعتبر أفعالهما كأنهما عقدا سلماً على الحمار المقتضى، وذكر الثوب وشبهه لغو، ووجه اشتراط مدة السلم بعد الاقتضاء أنه إن لم يكن أدى ذلك إلى السلم الحال أيضاً، ثم إن المسلم إليه ثبت في ذمته ثوب يأخذ الحمار.
الزَّمَانُ: ولا يَلْزَمُ قَبُولُ الْمُسْلَمِ فِيهِ قَبْلَهُ بِالْكَثِيرِ، وبِالْيَوْمَيْنِ يَلْزَمُ
لما فرغ من شروط السلم وآدابه شرع في زمانه ومكانه، ولما كان الأجل في السلم من حقهما لم يكن للمسلم ولا المسلم إليه التعجيل إلا برضاهما، وهذا هو القياس، لكن استحسن جماعة من المتأخرين ما رواه أشهب عن مالك أنه إذا قدم المسلم إليه باليوم أو باليومين لزم المسلم قبوله، وعلى هذا اقتصر المصنف؛ لأن التأخير إنما كان من حق المسلم لاختلاف الأسواق، واليومان لا تختلف فيهما الأسواق غالباً، ولهذا قيد بعضهم هذا بما إذا كانت قيمة السلعة الآن مساوية لقيمتها بعد يومين، وظاهر المدونة خلافه لقوله: وإن كان لك على رجل طعام فأتاك به لم تجبر على أخذه، وإن كان من قرض جبرت على أخذه. لكن ذكر ابن محرز عن الأشياخ أنهم فهموا الكتاب على ما رواه أشهب.