يعني: يصح الرهن ويلزم بالقول، لكن لا يختص المرتهن به على الغرماء إلا بقبضه، وهذا معنى قوله:(وَلا يَتِمُّ إِلا بِه). ونقل المازري عن أبي حنيفة والشافعي: أنه لا يلزم إلا بالقبض، ودليلنا قوله تعالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)[المائدة: ١] وقوله صلى الله عليه وسلم: «المسلمون عند شروطهم». وتنازع الجميع في فهم قوله تعالى:(فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ)[البقرة: ٢٨٣] هل المراد المقبوضة بعد عقد الرهن وهو قول مالك، ويعضده أنه أثبت لها حكم الرهان قبل القبض، أو المراد أن الرهن هو المقبوض وهو قول أبي حنيفة والشافعي؟
هذا قسيم قوله:(وَيُخَيَّرُ الْبَائِعُ وَشِبْهُهُ فِي الْفَسْخِ فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنِ) أي: فإن كان معيناً، كما لو قال: أرهنك هذا الثوب. والأحسن بطريق المصنف تقديم هذه المسألة على قوله:(وَيَصِحُّ الرَّهْنُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَلا يَتِمُّ إِلا بِه).
أي: فإن تأخر القبض، وكذا وقع القبض ملفوظاً به في بعض النسخ.
قوله:(إِلَى الْفَلَسِ أَوِ الْمَوْتِ) فإن كان ذلك بتراخ من المرتهن ولو شاء أخذه قبل ذلك؛ بطل الرهن بالاتفاق.
ابن عبد السلام: ولا يبعد أن يكون مجمعاً عليه وإن لم يتراخ، بل كان جادّاً في الطلب حتى فلس الراهن أو مات؛ ففي الجواهر: ظاهر الكتاب [٥١٣/أ] أنه لا يكون أحق؛ لقوله: إذا لم يقبض المرتهن حتى مات الراهن أو فلس كان أسوة الغرماء. فأطلق الجواب فيه.