للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فالضمير في (مِنْهُ) عائد على الراهن وهو ظاهر، ولا إشكال في هذا إذا أعطى العبد ذلك على ألا يرجع به على السيد، وأما إن أداه ليرجع به عليه؛ فنقل ابن يونس عن بعضهم أنه قال: ينبغي أن يكون ذلك للعبد؛ لأن الغرماء لو شاءوا أن يصبروا بدَيْنِهم ويجيزوا عتقه كان ذلك لهم، إلا أن يقال: إن عتقه في العبد لم يكن عتقاً يتم إلا بقضاء الدين، فصار كأنه أدى الدين، وهو في ملك سيده، وفي هذا نظر؛ لأن السيد لو أعتقه وللعبد على سيده دين ولم يكن استثنى ماله لوجب أن يجوز عتقه وبقي دينه في ذمة سيده، وليس له أن يرد عتق نفسه لأجل مال على سيده؛ إذ لو رده لكان للسيد أخذ ماله ولا تكون له فائدة في ذلك، كما قال: إذا زوج أمته لعبده وقبض صداقها واستهلكه ثم أعتقها قبل البناء؛ لأنه لا خيار لها، لأن ثبوت الخيار يسقطه. انتهى باختصار.

ونقل بعض من تكلم على هذا الموضع قولين؛ أحدهما: أنه لا يرجع على السيد. والثاني لابن رشد، قال: والصواب أنه يرجع؛ لأنه الراهن لما تعدى فقد رضي ببقاء الدين في ذمته.

فَإِذَا تَعَذَّرَ بَيْعُ بَعْضِهِ بَعْدَ الأَجَلِ بَيعَ جَمِيعُهُ، وَمَا بَقِيَ لِلرَّاهِنِ مِلْكٌ

يعني: إذا أعتق وهو معسر وبقي العبد رهناً إلى الأجل؛ فإنه يباع منه عند الأجل بقدر الدين إن وجد من يشتري ذلك وأعتق ما بقي. قال أشهب: وإن لم يجد بيع كله وقضى الدين وكان لربه ما بقي يصنع به ما يشاء، لأن الحكم لما أوجب بيع جميعه صار ثمنه كله للراهن، ولو قيل بجعله في جزء حرية ما بعد، كما قالوا فيمن أعتق تطوعاً أو أهدى أو أخذ أرشاً. قال أشهب: وإنما يباع بقدر الدين في العتق، وأما في الولادة والتدبير والكتابة؛ فيباع كله ويكون فضل ثمنه لسيده، إذ لا يكون بعض أم الولد ولا بعض مكاتب ولا بعض مدبر.

<<  <  ج: ص:  >  >>