للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَيَخْتَصُّ الْمُرْتَهِنُ عَنِ الْغُرَمَاءِ

هذه هي فائدة الرهن، ولو لم يختص المرتهن بالرهن لكان وجود الرهن كعدمه، والاختصاص مقيد بما إذا لم يكن هناك أحق منه، كما إذا اكترى أرضاً ورهن زرعها ثم انهارت بئرها وأصلحها أجنبي وأحيا الزرع؛ فإنه أحق من المرتهن كما سيأتي.

وَلا يَسْتَقِلُّ الْمُرْتَهِنُ بِالْبَيْعِ إِلا بِإذْنٍ بَعْدَ الأَجَلِ

يعني: أن اختصاص المرتهن بالرهن لا يوجب له التصرف فيه، ولا بيعه بعد أجل الدين إلا أن يأذن له في ذلك بعد أجل الدين. ابن راشد: ولا خلاف في ذلك، وإنما لم يكن للمرتهن البيع؛ لأن الأصل ألا يباع ملك الإنسان إلا بعد سبب يوجب بيعه.

وقوله: (وَلا يَسْتَقِلُّ) أي: لا ينفرد، بل يرفع إلى الحكام ليطالب الراهن أو يكلفه البيع، فإن امتنع باع عليه.

واعترض قول المصنف: (إِلا بِإذْنٍ بَعْدَ الأَجَلِ) لأنه لو أذن بعد عقد الرهن وقبل الأجل جاز له بذلك البيع كبعد الأجل، قاله صاحب البيان وابن زرقون، [٥١٧/ب] ولكن نقل المتيطي عن بعض الموثقين منعه، لأنه هدية المديان.

وِلا يَضُرُّ اتِّحَادُ الْقَابِضِ والْمُقْبِضِ

لما ذكر أنه يجوز أن يبيعه المرتهن بالإذن بعد الأجل، ذكر هذا كالجواب عن سؤال مقدر؛ كأن قائلاً قال: كيف يصح أن يوكل مع كونه يبقى قابضاً مقبضاً؟ فأجاب بأن ذلك لا يمنع الصحة؛ لأنه قابضٌ باعتبارٍ مقبضٌ باعتبارٍ، فكان ذلك بمنزله شخصين، لأن الراهن لما وكله على البيع كان وكيلاً على قبض الثمن ثم يقبضه لنفسه، فكونه مقبضاً عن الراهن سابق على كونه قابضاً لنفسه، إلا أن قبضه للراهن حسيٌّ وقبضه لنفسه حكمي بنية خاصة.

<<  <  ج: ص:  >  >>