الثاني: إذا أمر الإمام ببيع الرهن فبيع بغير العين، فقال ابن القاسم في المدونة: لا يجوز ذلك. وقال أشهب: إن باعه بمثل ما عليه وإن لم يكن فيه فضل جاز، وإن كان فيه فضل لم يجز بيع ذلك الفضل، والمشتري بالخيار فيما بقي إن شاء رد الشركة، وإن باعه بغير ما عليه لم يجز.
تصور المسألة ظاهر، ووجهها: أنها لما كانت الغلة للراهن وجب أن تكون النفقة عليه.
المازري: واختلف الأشياخ إذا كان الرهن عبداً وأبق وطلبه من عادته طلب الإباق، هل يأخذ الجعل من الراهن وهو الأصل، أو من المرتهن لأن المنفعة إنما هي عائدة عليه؟ على قولين، والأول قول سحنون. وكذلك اختلف في الجعل على البيع إذا كان الراهن غائباً؛ فروى أبو زيد وعيسى عن ابن القاسم: أنه على المرتهن لأنه طالب البيع، وقال أصبغ [٥١٨/ب] وعيسى: بل على الراهن. وخالفا ما رواه أشهب، وليس للراهن أن يمنع المرتهن أن ينفق على الرهن؛ لأنه يهلك إن كان حيواناً ويخرب إن كان رباعاً.
وقوله:(أَذِنَ أَوْ لَمْ يَاذَنْ) يريد لأنه قام عنده بواجب.
واعلم أن النفقة تتعلق بذمة الراهن إذا أذن باتفاق، واختلف إذا لم يأذن؛ فقال ابن القاسم: وهو كما لو أذن. وقال أشهب: إنما تتعلق بعين الرهن قياساً على من أنفق على ضالة فإن الإنفاق يكون في عينها وتباع فيه، وإن قصر ثمنها عن الإنفاق لم يتبع صاحبها بالزائد. وفرق ابن القاسم بينهما بأن الرهن لما دفعه صاحبه للمرتهن وقد علم أنه لا بد له من نفقة صار كالإذن. واختلف في قول ابن القاسم إذا كان الراهن غائباً هل يتبع بالنفقة ولو زادت على ثمن الرهن أو لا؟ لأن النظر في حق الغائب بيع الرهن، وكان الراهن إنما أذن في الإنفاق ما لم يجاوز قيمته، فللأشياخ قولان حكاهما المازري، وحكى ابن يونس