ألحق اللخمي بما لا يغاب عليه ما دخل المرتهن والراهن على بقائه بموضعه؛ كالثمار في رؤوس النخل، والزرع القائم، وما في الجرين والأندر، وكالسفن على ساحل البحر وآلتها إذا دخل على بقائها بالساحل، وكالأعدل إذا خُلِّيَ في قاعة الفندق، وكالطعام والزيت المخزن في دار الراهن مطبوعاً عليه ومفتاحه بيد المرتهن، وإن كان مختزناً في دار غيره أو في بيت الفندق لم يضمنه، فإن علم أنه كان يتكرر له ويفتحه، وأشبه أن يكون أخذ ذلك في تكرره منه ضمنه، أما إن كان في حوز المرتهن لم يصدق في ضياعه.
(فَكَالأَوَّلِ) أي: فالضمان من الراهن، وبيد المرتهن يضمن، ودليلنا على هذه التفرقة في ضمان ما يغاب عليه دون غيره: العمل الذي لا اختلاف فيه، نقله مالك في الموطأ، ولأن الرهن لم يؤخذ لمنفعة ربه فقط فيكون ضمانه من ربه كالوديعة، ولم يكن لمنفعة الآخذ فقط كالقرض فيكون من الآخذ، بل أخذ شبهاً منهما فتوسط وجعل ضمان ما لا يغاب عليه من الراهن لعدم تهمة المرتهن، وضمان ما يغاب عليه من المرتهن لتهمته على ذلك.
أي: فإن أقام المرتهن البينة على هلاك ما بيده مما يغاب عليه، فروى ابن القاسم: أنه يسقط عنه الضمان، وبه قال ابن القاسم وأصبغ وعبد الملك؛ بناء على أن الضمان إنما كان للتهمة وقد زالت بقيام البينة. وروى أشهب: أنه لا يسقط عنه الضمان، وبما قال أشهب قال جماعة، لأن الضمان على هذا القول ضمان أصالة، لأن هذا القسم مقابل لما لا يغاب عليه، وحكم أحد المتقابلين ثابت بالأصالة فيكون مقابله كذلك.