ومعنى العكس ثبوت الضمان عند ابن القاسم؛ لأن التهمة المقتضية للضمان حاصلة، وعند أشهب لا يضمن لأنه لم يدخل عليه.
فإن قلت: ولعل المصنف وابن شاس إنما عللا قول أشهب بالدخول على الضمان لهذا الفرع؛ إذ لا يتأتى فيه ما عللوا به من الأصالة؟ قيل: وكل منهما نقض أصله، أما ابن القاسم فلأن الضمان عنده إنما هو للتهمة، فمن حق المرتهن أن يقول: لم يبطل حقي حكما شرطياً وأنت قد أسقطت حقك الذي هو الضمان. وأما أشهب فالضمان عنده ضمان أصالة، فكان ينبغي له ألا يوفي بشرطه، لأنه مبطل بحكم شرعي. وقد اختلف المذهب في البائع بثمن إلى أجل يَشترطُ في عقد البيع أنه مُصَدَّقٌ في عدمِ قبضِ الثَّمن هل يُوَفَّى له أم لا؟ أو يوفى للمتورعين عن الأيمان دون غيرهم؟ على ثلاثة أقوال، وعلى أنه يوفى له، فهل يجوز مثله في الغرر؟ قال بعضهم: لا؛ لأنه سلف جر منفعة، والصحيح الجواز؛ لأنه شرط ينشأ عن التوثق، فكان كالرهن والحميل.
المازري: وقول ابن القاسم وأشهب يحسن إذا كان الرهن في عقد بيع أو سلف؛ لأن الرهن هناك يكون له حصة من الثمن في البيع وها هنا في السلف، وأما لو كان هذا الاشتراط في رهن تطوع به الراهن بعد عقد البيع أو السلف من غير شرط؛ فإنه ها هنا لا يحسن الخلاف، لأن التطوع هنا بالرهن كالهبة، فإذا أضاف إلى هذا التطوع إسقاط الضمان فهو إحسان على إحسان، فلا وجه للمنع فيه. ويؤيد هذا: أن ابن القاسم وأشهب اتفقا على أنه يوفي له بالشرط في العارية، وما ذلك إلا لأن العارية لا عوض فيها، وإنما هي هبة ومعروف. انتهى. ونحوه للخمي.
فرع:
وأما عكس هذا، وهو اشتراط الضمان فيما لا يغاب عليه؛ ففي المدونة والموَّازيَّة: لا يلزمه وضمانه من ربه. وقال أشهب: إن اشترط ذلك لخوف طريق ونحوه فهلكت الدابة بسبب ذلك التخوف فإنه ضامن.