وهو اختيار ابن المواز، وأكثر الأصحاب: أن الفداء يكون في رقبته وماله، لأنه لو أسلمه كان العبد للمجني عليه بماله، فإذا افتكَّه المرتهن انبغى أن يكون له ما كان للمجني عليه، ورأى في المشهور أن المرتهن إنما افتكَّه ليرده إلى ما كان عليه، ولولا ذلك لما كان له تطرق إلى العبد بوجه، فحينئذٍ [٥٢٠/ ب] إنما يرجع العبد إلى ما كان عليه، وهو إنما كان مرهوناً دون ماله، ولهذا لو كان مال العبد مشترطاً في الرهن لم يختلف إذا افتكَّه أنه يكون الفداء في رقبته وماله.
وعلى القولين؛ ففي المدونة: لا يباع إلا بعد الأجل. وقال سحنون: وقبله، أي قبل أجل الدين، وهو مبني على الرواية التي اختارها ابن المواز: أن المرتهن وجب له ما كان عليه. واستحسن اللخمي قول سحنون، قال: ولا مقال للراهن لأنه رضي بإسلامه. وعلى ما وجه به المشهور يندفع هذا، ثم فيما اختاره ابن المواز إشكال آخر، ويتبين لك ذلك بما نقله اللخمي وابن يونس وغيرهما عنه: أنه إذا أسلمه السيد خير المرتهن في ثلاثة أشياء؛ وهي: إسلامه، أو فداؤه بمقدار الجناية أو أكثر، فإن أسلمه أو فداه بمقدار الجناية فكما تقدم، وإن فداه بأكثر ولو بدرهم، فقال محمد: العبد للمرتهن. مالك: ويتبع المرتهن الراهن بدينه إلا بالدراهم، فإنه يسقط من جملة الدين. وقوله أنه يتبعه بدينه إلا بذلك الدرهم، لا يصح إلا على تقدير أن المرتهن اشتراه من الراهن بما أدى فيه، وإذا كان عنده مبيعاً فكيف يتبعه ماله، والقاعدة المأخوذة من الحديث الصحيح: أن العبد لا يتبعه ماله إلا أن يشترطه المشتري. وفيه إشكال من وجه آخر، وهو أن هذا الدرهم إذا لم يحل أجله مقدم ومقارن لعقده بيع، فينبغي أن يمنع لما في ذلك من البيع والسلف، إلا أن يقول: إن هذا لم يكن مقصوداً وإنما الأحكام جرت إليه.
ولما أشرنا إليه في توجيه المشهور قال بعض الموثقين: إن نفقة هذا العبد إلى الأجل على سيده الذي كان ينفق عليه، لأنه رجع إلى ما كان عليه.