يعني: إذا استحق بعض الرهن وطلب المستحق بيع نصيبه، فإن كان مما ينقسم قسم وتركت حصة الراهن رهناً، ولوضوح هذا لم يعترض له المصنف، وإن كان مما لا ينقسم بيع جميعه كغيره من سائر المشتركات التي لا تنقسم؛ إذا طلب أحد الشريكين البيع فإنه يجبر له الآخر، ثم إن بيع بمخالف الدين في الجنس أو الصفة بقيت حصة الراهن رهناً، وإن بيعت بجنسه وصفته، فقال ابن القاسم: تبقى أيضاً رهناً. وقال أشهب: بل تعجل للمرتهن؛ إذ لا فائدة في وقفها، وقد تضيع ولا ينتفع بها الراهن ولا المرتهن. وهذا معنى قوله:(وَفِي رَهْنِيَّتِهَا لا تَعْجِيلِهَا قَوْلانِ لابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ).
واعلم أن التعجيل على قول أشهب مقيد بما إذا لم يأت برهن آخر، هكذا صرح به أشهب في الموَّازيَّة، وظاهر كلام المصنف: أن أشهب يقول بالتعجيل إذا بيع بمثل الدين، سواء كان الدين عيناً أو عرضاً، والذي في ابن يونس عنه: أن المرتهن يأخذ مصابه الرهن من الثمن من دينه إن بيع بمثل الدين من دنانير أو دراهم. ونقل الباجي عنه أنه قال في العتبية: إذا بيع بعرض مثل حقه أو مخالفاً له وضع له رهناً، وليس له تعجيله بغير رضا المرتههن. قال الباجي: ووجه أن المماثلة لا تكاد تحصل في العروض، وقد يجد عند الأجل ما هو أقرب إلى المماثلة. ولا يقال: لعل لأشهب قولين، وقد نقل اللخمي عنه الإطلاق كالمصنف؛ لأن تقييد كلامه بعضه ببعض أولي من حمله على الخلاف.
الباجي: وقال أشهب أيضا في العتبية: إن بيع شيئ من الطعام أو الإدام أو الشراب بمثل ما له صفة وجوده فاستحسن له تعجيله، وإن أبى صاحب الحق.