وإلى هذين القولين أشار بقوله:(وَأَخَذَهُ إِنْ لَمْ يَفْتَكّهُ بِقِيمَتِهِ) وقيل: بما حلف عليه. القول الأول لمالك في الموطأ، وهو قول ابن نافع وابن المواز. ثم يقال للراهن: إما أن تعطيه الذي حلف عليه وتأخذ رهنك، وإما أن تحلف على الذي قلت أنك رهنته ويبطل عنك ما زاد المرتهن على قيمة الرهن. فإن حلف بطل ذلك عنه، وإن لم يحلف لزمه غرم ما حلف عليه المرتهن. والقول الثاني لابن القاسم في العتبية. قال في الموطأ: ويحلف المرتهن على جميع ما ادعاه، وهو العشرون. وقال ابن المواز: المرتهن مخير أن يحلف على دعواه أو على قيمة الرهن.
وحكى عبد الحق عن بعض شيوخه: أنه لا يحلف إلا على خمسة عشر، كما لو ادعي عشرين فشهد له شاهد بخمسة عشر، فإنه يحلف على شهادة الشاهد.
وفرق الباجي وغيره بين الرهن والشاهد بأن الرهن متعلق بجميع الدين، والشاهد لا تعلق له بما لم يشهد، ألا ترى أن الراهن لو أقر بالعشرين لكان الرهن رهناً بجميعها، ولو أقر بتصديق الشاهد لم يكن لشهادته تعلق بغير الخمسة عشر.
واعلم أن القول بتحليفه على العشرين أخص؛ لأنه إذا نكل الراهن لا يحتاج المرتهن إلى يمين أخري، بخلاف من يقول: إنه يحلف على قيمة الرهن؛ لأنه يحتاج إذا نكل الراهن إلى يمين أخرى يثبت بها ما زاد على القيمة.
تنبيه:
ما تقدم من أن الضمير في قوله:(فَإِنْ زَادَ) عائد على (الْمُرْتَهِنُ) هو الظاهر، بل المتعين هنا، وهو الذي قال ابن راشد. وقال ابن عبد السلام: يعني فإن زاد الذي أقر به الراهن على قيمة الرهن؛ كما لو كانت قيمته ثمانية وأقر الراهن أن الدين عشرة، فيحلف الراهن وحده، كما يحلف لو لم يكن رهن ليرد دعوى المرتهن، وفيه نظر، فإن حمل الكلام