للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تنبيه: وقد تبين لك موافقة كلام المصنف للمدونة، وعلى هذا فقوله: (وَلَوْ كَانَ) أي: الميت؛ لأن قوله: (كَانَ مَشْهُوراً بِالدِّيْنِ) قسيم لقوله: (أَوْ عَلِمَ الْوَرَثَةُ) وعلم الورثة إنما هو مع الموت فكذلك قسيمه، ولأن قوله: (رَجَعَ مَنْ بَقِيَ عَلَيْهِمْ) أي: على الوارث، والوارث إنما يكون في الموت، وليوافق مذهب المدونة، وقول ابن عبد السلام: أن المصنف هنا جمع بين الفلس والموت وهو خلاف المدونة ليس بظاهر.

وإِذَا رَجَعَ عَلَى الْوَرَثَةِ فَليَاخُذُ مِنَ الْمَلِيِّ عَنِ الْمُعْدَمِ مَا لَمْ يُجَاوِزْ مَا قَبَضَ الْوَارِثُ بِخِلافِ الْغُرَمَاءِ ....

يعني: إذا توجه الغرم على الورثة؛ فإما أن يجدهم أملياء، أو عدماء، أو بعضهم أملياء، فالأملياء يرجع على كل واحد بما ينوبه، والعدماء لا رجوع له على واحد منهم، وإن وجد بعضهم معدماً؛ فإنه يأخذ من الملي الأقل من دينه أو ما قبض، لأنه إن كان دين القائم أقل وقبضه سقط ما نابه، وإن كان ما قبض أقل لم تلزمه الزيادة، لأنه لو لم يقبض شيئاً لم يلزمه غرم البتَّة.

وقوله: (بِخِلافِ الْغُرَمَاءِ) أي: فإنه إنما يأخذ كل واحد بما ينوبه، والفرق تساوي الغريم الطارئ مع الغرماء بخلاف الورثة؛ إذ لا يستحق واحد منهم ميراثاً إلا بعد قضاء الدين.

ابن عبد السلام: وينبغي إذا علم الغرماء بالغريم الطارئ أنه يكون كالوارث، ويأخذ الملي عن المعدم، وكذلك ينبغي في الورثة إذا علموا أن يرجع على كل بمبلغ التركة كلها إلا بما قبضه، والله أعلم.

فرع: واختلف في طريان وارث على وارث وموصى له على موصى لهم، فقال ابن القاسم، ورواه عن مالك: هو كطريان غريم على غرماء، فلا يأخذ ملياً عن معدم. وقال أشهب وابن عبد الحكم: كطريان غريم على ورثة، فيقاسم الملي منهم في جميع ما صار له، كأن الميت لم يترك غيرهما، ثم يرجعان على سائر الورثة، وكذلك الموصى لهم حتى يعتدلوا.

<<  <  ج: ص:  >  >>